ذهب اليه الفريقان لكنها ليست قائمة بذاته تعالى ، بل خلقها الله تعالى في غيره ، ومعنى كونه تعالى متكلّما عندهم أنّه موجد لتلك الحروف والأصوات في جسم كاللوح المحفوظ أو جبرئيل أو النبيّ ـ عليهالسلام ـ أو غيرها كشجرة موسى عليهالسلام.
رابعها ما ذهب الأشاعرة اليه من ثبوت الكلام النفسي حيث قالوا : كلامه تعالى ليس من جنس الأصوات والحروف بل هو معنى قائم بذاته يسمى الكلام النفسي وهو مدلول الكلام اللفظي المركّب من الحروف وهو قديم.
إلى غير ذلك من الأقوال التي تأتي إليها الأشاعرة ، إلّا أنّ هذه الأقوال هي المشهورة بين أهل السنة ، وقد طال التشاجر بينهم في حدوث القرآن وقدمه ، والأكثر منهم على الثاني ، بل مذهب كافّتهم بل وخلفائهم كانوا في أول الأمر مستقرّين عليه ، حتى قيل : إنّه كان سبب تدوين علم الكلام واشتقوا منه اسمه.
قال في شرح المواقف : إنما سمى الكلام كلاما إمّا لأنّه بإزاء المنطق للفلاسفة أو لأنّ أبوابه عنونت بالكلام في كذا أو لأنّ مسئلة الكلام يعني قدم القرآن وحدوثه
__________________
المعتزلة من فرق الإسلام يرون أنّ أفعال الخير من الله ، وأفعال الشر من الإنسان ، وأن القرآن مخلوق محدث ليس بقديم ، وأن الله تعالى غير مرئي يوم القيامة ، وأن المؤمن إذا ارتكب الذنب ، كشرب الخمر وغيره يكون في منزلة بين المنزلتين ، لا مؤمنا ولا كافرا ويرون أن اعجاز القرآن من «الصرفة» لا أنه في نفسه معجز ، أي إنّ الله لو لم يصرف العرب عن معارضة لأتوا بما يعارضه ، وأنّ من دخل النار لم يخرج منها ، وسمّوا معتزلة لأنّ واصل بن عطاء كان ممن يحضر درس الحسن البصري ، لمّا قالت الخوارج بكفر مرتكب الكبائر وقالت الجماعة بأنّ مرتكب الكبائر مؤمن غير كافر وإن كان فاسقا ، خرج واصل عن الفرقتين ، وقال : إن الفاسق ليس بمؤمن ولا كافر ـ الاعلام ج ٩ : ص ١٢١.