وفيه أن رعاية الأدب هو إحقاق الحقّ والقول بحدوث الحادث لا الالتزام بقدمه كذبا واختلافا وجعله شريكا للخالق في قدمه تعالى عن ذلك وعمّا يقول الظالمون الجاهلون علوا كبيرا.
وتوهّم أنّهم إنّما يمنعون إطلاق الحدوث ، وهو لا يستلزم بإطلاق القدم مدفوع بأنّ صريح كلامهم ذلك ، والمعتذر إن كان مقصوده ذلك فلا يجديهم كما لا يخفى ، وعلى كلّ حال فللمنتحلين بالإسلام في هذه المسئلة أقوال :
أحدها ما سمعت عن الحنابلة.
ثانيها مذهب الكرّامية (١) والموافقين للحنابلة في أنّ كلامه حروف وأصوات لكنّها حادثة قائمة بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث بذاته فقدحوا في كبري الأوّل بعد قولهم بصحة الثاني.
ثالثها ما ذهب اليه المعتزلة (٢) وهو أنّ كلامه تعالى أصوات وحروف كما
__________________
(١) الكرّامية أتباع محمّد بن كراّم بن عراق بن حزابة ، كان يقول بأن الله تعالى مستقر على العرش وأنه جوهر.
ولد ابن كرام في سجستان وجاور بمكة خمس سنين وورد نيسابور فحبسه طاهر بن عبد الله ثم انصرف إلى الشام وعاد على نيسابور فحبسه محمّد بن طاهر وخرج منها سنة ٢٥١ ه إلى القدس فمات فيها سنة (٢٥٥) ـ تذكرة الحفّاظ ج ٢ ص ١٠٦ ـ لسان الميزان ج ٥ ص ٣٥٣.
(٢) المعتزلة من فرق الإسلام اتباع واصل بن عطاء العزال ، أبي حذيفة وهو من البلغاء المتكلمين وسمّي بالمعتزلي لاعتزاله حلقة درس الحسن البصري ، ولد بالمدينة سنة (٨٠ ه) ونشأ بالبصرة ، وكان يلثغ بالراء فيجعلها غينا ، فتجنب الراء في خطابه ومن أقوال الشعراء في ذلك قول أبي محمّد الخازن في مدح صاحب بن عباد :
«نعم تجنّب لا ، يوم العطاء ، كما |
|
تجّنب ابن عطاء لفظة الراء» |
توفّي واصل سنة ١٣١ ـ كتب ابن حجة في ثمرات الأوراق ما موجزه :