رأوا قياسين متعارضي النتيجة ، أحدهما أنّ كلام الله صفة له وكلما هي صفة له فقديم فكلام الله قديم ، والآخر أنّ كلام الله مؤلّف من حروف مترتبة متعاقبة في الوجود وكلّما هو كذلك فهو حادث فكلام الله حادث فاضطرّوا إلى القدم في أحد القياسين ضرورة امتناع حقّية النقيضين فمنع كل طائفة بعض المقدمات.
فالمحكي عن الحنابلة (١) أنّ كلام الله تعالى حروف وأصوات وهي قديمة ومنعوا من حدوث مأتي ألف من حروف وأصوات مترتّبة ، بل عن بعضهم القول بقدم الجلد ، والغلاف ، ولذا قيل : ما بالهم لم يقولوا بقدم الكتّاب والمجلّد وصانع الغلاف.
وربما يعتذر عنهم بأنهم إنّما منعوا من اطلاق لفظ الحادث على الكلام اللفظي رعاية للأدب واحترازا عن ذهاب الوهم إلى حدوث الكلام النفسي كما قال بعض الأشاعرة (٢) إنّ كلامه تعالى ليس قائما بلسان أو قلب ولا حالّا في مصحف أو لوح ومنع عن إطلاق القول بحدوث كلامه وإن كان المراد هو اللفظي رعاية للأدب واحترازا عن ذهاب الوهم إلى الكلام الأزلي.
__________________
خورشيد كمال است نبي ماه ولى |
|
إسلام محمّد است وايمان على |
گر بنيه اى بر اين سخن مى طلبى |
|
بنگر كه زبيّنات اسما است جلى |
توفى الدواني سنة ٩٠٧.
(١) الحنابلة اتباع أحمد بن حنبل رابع الأئمّة الأربعة عند العامة كان من خواص الشافعي وأخذ عنه الحديث البخاري ومسلم ودعا إلى القول بخلق القرآن فلم يجب فضرب وحبس ، توفى ببغداد سنة ٢٤١.
(٢) الأشاعرة فرقة معروفة مرجعهم في العلم على ما نقل إلى أبي الحسن الأشعري علي بن إسماعيل البصري المولد البغدادي المنشأ والدار ولد سنة ٢٦٠ وتوفى سنة ٣٢٤ له تصانيف كثيرة.