يتلى على مرّ الأزمان والدهور الى يوم ينفخ في الصور الى غير ذلك من الوجوه التي لعلّها بتمامها ملحوظة في التسمية.
ثم إنّه سبحانه قد وصفه بالعظمة في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (١) وبالحكمة في قوله : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) (٢) وبالمجد في قوله : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) (٣) وبالإبانة في قوله : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) (٤) وذلك لما سمعت من أنّه تدوين للمشيّة من حيث اجتماع مراتبها الكليّة الإجماليّة والتفصيليّة فهو مظهر العظمة الكونيّة إذ لا أعظم منه في التدوين كما أنّه ليس شيء أعظم من خاتم النبيين في عالم التكوين ولذا كان لمّا خلقه الله تعالى سبّح الله سبحانه وعظّمه في حجاب العظمة ثمانين ألف سنة الى أن وصل الى حجاب القدرة كما في خبر جابر (٥) وغيره فعظمته (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لعبوديّته المطلقة وخضوعه الدائم الكلّي ولذا كان أوّل العابدين ، وكان من أشرف أسمائه عبد الله حتى قدّم على أعظم شئونه الذي هو الرسالة.
وأما حكمته فلأنّه يترشّح عليه من أشعّة أنوار الحكمة الكليّة الأوليّة ما يعطي كلّ شيء خلقه ويسوق الى كلّ مخلوق رزقه ، فيضع كلّ شيء في محلّه ، ويؤدّي الأمانة الى أهله ، بل الحكمة بهذا المعنى لمّا كانت من الصفات الفعليّة الانوجاديّة
__________________
(١) الحجر : ٨٧.
(٢) يس : ١ ـ ٢.
(٣) ق : ١ ـ ٢.
(٤) الحجر : ١ ـ ٢.
(٥) بحار الأنوار ج ٧ ص ١٨٥ ط. القديم ، ولعلّ في العبارة تقديما وتأخيرا لأنّ نصّ الرّواية في البحار هكذا ، قال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم): أوّل ما خلق الله نوري ابتدعه من نوره واشتقه من جلال عظمته ، فأقبل يطوف بالقدرة حتى وصل الى جلال العظمة في ثمانين ألف سنة .. الى آخره.