والخلق بعد صنائع لنا كما في «نهج البلاغة» (١) أو صنائعنا كما في «الاحتجاج» عن الحجة ـ عجل الله فرجه ـ (٢) أنّهم نفس المشيّة بناء على أن نورهم عليهمالسلام في أصل الخلقة ان كان هو المشية فهو المطلوب والّا يلزم ارتكاب التخصيص في أحد الخبرين ، إلّا أن فيه بعد الغضّ عن ضعف الدليل سندا (٣) ودلالة أنّ إثبات تلك المقاصد بمثله مشكل جدا ، سيّما بعد ظهور أنّهم أيضا عباد مخلوقون مربوبون ، لا بدّ في خلقهم من تعلّق المشيّة بخلقهم ، وسبقها عليهم وعلى كلّ حال فالنبي والأئمة عليهمالسلام وإن اشتركوا جميعهم ـ صلوات الله عليهم ـ في عالم الأنوار لاتّحاد حقائقهم ونورانيتهم إلّا أنه روي في النبوي : أوّل ما خلق الله نوري ثم فتق منه نور علي عليهالسلام فلم نزل نتردّد في النور حتى وصلنا إلى حجاب العظمة في ثمانين ألف سنة ثم خلق الخلايق من نورنا فنحن صنائع الله والخلق بعد صنائع لنا (٤).
__________________
غوامض الاخبار وجوها : منها أن لا يكون المراد بالمشيّة الإرادة بل إحدى مراتب التقديرات التي اقتضت الحكمة جعلها من أسباب وجود الشيء كالتقدير في اللوح مثلا والإثبات فيه.
ومنها : أن يكون خلق المشيّة بنفسها كناية عن كونها لازمة لذاته تعالى غير متوقفة على ارادة اخرى فيكون نسبة الخلق إليها مجازا عن تحقّقها بنفسها منتزعة عن ذاته تعالى.
ومنها ان المراد بالمشية مشية العباد وبالأشياء أفاعيلهم.
ومنها أن للمشية معنيين أحدهما متعلق بالشائي وهي كون ذاته سبحانه بحيث يختار ما هو الخير والصلاح والآخر متعلق بالمشيء وهو حادث بحدوث المخلوقات وهو إيجاده سبحانه إياه بحسب اختياره إلخ.
ومنها غير ذلك ومن أراد التفصيل فليراجع إلى البحار.
(١) في جملة ما كتبه عليهالسلام إلى معاوية : فإن صنائع ربنا والخلق بعد صنائع لنا إلخ.
(٢) الاحتجاج طبع النجف ج ٢ ص ٢٧٨.
(٣) لإرسال ما نقل عن نهج البلاغة والاحتجاج.
(٤) لم اعثر إلى الآن على مأخذه.