سلك في أول الآية مسلك التسلية بذكر اسم النبي ، وإنما ذكر قومه الذي نزلت بهم العقوبة ، وظاهر هذه الآية أن عاد أهلكت ، خلاف ما يقتضيه قوله تعالى : في فصلت (صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) [سورة فصلت : ١٣].
قوله تعالى : (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ).
إما على حذف الصفة ، أي من شيء منهم ومن أنعامهم أو عام مخصوص بالمخالفة لأنهم مسلمون.
قوله تعالى : (إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ).
إن قلت : هلا قيل : جعلته رميما فهو أبلغ؟ قلت : الرميم هو الحالة التي يؤل إليها العظم والنبات ، والمقصود هنا أن الريح أهلكتهم في الحال لا أنها صيرتهم إلى حالة التي يؤول بهم إلى الرميم ، ولم يقل : جعلته رميما لاحتمل أمرين :
أحدهما حقيقة وهو أنهم صاروا في الحال رميما.
والثاني : مجاز وهو أنها إماتتهم فصاروا إلى حالة يؤول أمرهم فيها إلى الرميم ، فلما قال : (كَالرَّمِيمِ) أفاد نفي احتمال ذلك المجاز ، وأنهم في الحال شبهوا الرميم الذي تفتت من عظم وإنبات بطول القدم والمكث.
قوله تعالى : (حِينٍ).
ما بعد حتى داخل فيما قبلها ، فالحين جواز زمنه التمتع.
قوله تعالى : (فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ).
دليل على أن النهي عن الشيء أمر بضده ؛ لأنهم كلفوا تكليفا عاما في الأمر والنهي ، أو يقال : أن جميع ما كلفوا به نهي وسمي أمرا.
قوله تعالى : (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ).
إن قلت : لما أخرت [٧٠ / ٣٤٤] قصة نوح عليهالسلام مع تقدم زمانه على أزمان أهل القصص المتقدمة؟ قلت : لأن رسالته لما كانت عامة لأهل الأرض حقت به تلك القصص كما حقت النبوة نبينا صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، فإن قلت : لم علل هلاك قومه بنسفهم ولم يعلل إهلاك غيرهم؟ قلت : لتطاول زمانه وشدة مقاساته قومه.
فإن قلت على قراءة حفص : إن كانت الواو للترتيب بطل قول الأصوليين ، إن قولك : جاء زيد وعمرو قبله تناقض وإن لم تكن للترتيب فما أفاد من قبل ، قلت : إما أن يقول هي للترتيب في الذكر وإنما يلزم التناقض ، وإن لم تكن للترتيب فما أفاد