قوله تعالى : (أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً).
إن قلت : فيه عطف الأعم على الأخص ، وهو غير جائز لما فيه من تقسيم إلى نفسه وإلى غيره ، وجعل قسما الشيء قسيما ، فالجواب أن في الكلام تقدير صفة أي أمرا بعيدا ، وأجاب الزمخشري بأن المراد بقريب الزمن الحالي ، وبالأمن الاستقبالي ، فليس من عطفه الأعم على الأخص بل من عطف الشيء على غيره فيلزمه المجاز في حمل القريب على الحال ، ويلزمنا نحن الإضمار وهو خير من المجاز ، فإن قلت : ليس مراد الزمخشري بالقريب الحال بل الزمن الذي يتوقع في كل وقت حضوره ، أي لا تدري أهذا الذي تدعون أواقع بكم ليس له حد محدود ؛ بل هو كل في زمن متوقع حلوله بكم إذ له أمر لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه كأجل الدين الحال مع الدين المؤجل ، قلت : إن أردت بالقريب أنه مؤخر عن زمن الحال ، فيتناوله لفظ الأمن ، وإن أردت به الحال فيلزمك المجاز ونفي العلم بقربه وبعده ؛ فيستلزم نفي العلم بعين وقته بخلاف العكس ، ولفظ الرب مناسب لما تضمنته الآية من الرحمة والشفقة عليه.
قوله (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً) هذه الإضافة مجاز ؛ لأن المضاف إليه يكتسي من المضاف إليه وصفا مناسبا بحق زيد صاحب عمرو منه وصف الصحبة ، وكذا زيد ضارب عمرو واكتسى منه وصف الضرب حسبما ذكر الفخر نحوه في الحصول في إضافة أصول الفقه فيلزم فيه أن يكون الغيب صفة لله وهو باطل ، فإن قلت : هو صفة له بمعنى أنه فاعله في قوم دون قوم ، قلت : ذلك تغييب لا غيب ؛ لأنه من غيب ، وهذا من .... (١) فيرجع إلى المجاز الذي قلناه.
قوله (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ) استثناء متصل أو منفصل باعتبار أن الغيب هو حالهم ينصب عليه دليل ، وعلم الرسول للغيب بدليل فليس من الغيب في شيء واحد ، الزمخشري : في الآية إبطال كرامات الأولياء يرد بأن لا يلزم من نفي الخاص نفي العام فلا يلزم من نفي هذا الضياع الخاص ، أو نقول : هذا عام مخصوص بكرامات الأولياء ، أو نقول : الحاصل لهم ظن لا علم.
__________________
(١) كلمة غير واضحة في المخطوطة.