وقال أبو عوسجة : الوقر : الصدع في العظم أيضا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها).
يحتمل كل آية : آية وحدانيته ، وربوبيته ، وقدرته على البعث ، وآية رسالته ونبوته.
ويحتمل : كل آية سألوا أن يأتي بها ؛ يقول : وإن أوتيت بكل آية سألوك لا يؤمنون بك بعد ذلك أبدا ، كقولهم : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا) [الفرقان : ٢١] ، ونحو ذلك مما سألوا من الآيات ؛ يقول : إنك وإن جئت بما سألوك من الآيات لا يؤمنون بك ، ولا يصدقونك ، يقولون : (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [أي ما هذا إلا أساطير الأولين](١) قيل (٢) : أحاديث الأوّلين ، والأسطورة : الكتاب ، يقولون ذلك تعنتا منهم ؛ لأنهم كانوا يعرفون أنه حق ، وأنه ليس بكلام البشر ؛ لأنهم عجزوا عن إتيان مثله ، ولو كان هو مفترى على ما قالوا لقدروا هم على أن يأتوا بشيء مثله ، حيث قيل لهم : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) [البقرة : ٢٣] فعلموا بعجزهم عن إتيان مثله أنه ليس من كلام البشر ، وأنه سماوي.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) [ينهون الناس عن طريقته ومتابعته وينأون عنه](٣) أي : يتباعدون عنه [و](٤) ينهون غيرهم عن اتباعه ويتباعدون هم.
ويحتمل ما ذكر في القصّة (٥) أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان عند أبي طالب يدعوه إلى الإسلام
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) أخرجه ابن جرير (٥ / ١٧٠) (١٣١٥٩) عن ابن عباس وبنحوه عن السدي (١٣١٦٠) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ١٥) وعزاه لابن جرير عن ابن عباس ولعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر عن قتادة بنحوه.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) قال الزهري وابن إسحاق : فلما بادى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قومه بالإسلام وصدع به كما أمره الله لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه ، حتى ذكر آلهتهم وعابها قال العتقي : وكان ذلك سنة أربع. فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه وأجمعوا لخلافه وعداوته إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام وهم قليل مستخفون. وحدب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمه أبو طالب ومنعه وقام دونه ، ومضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أمر الله مظهرا لأمره لا يرده عنه شيء.
فلما رأت قريش أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه من فراقهم وعيب آلهتهم ، ورأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه وقام دونه ولم يسلمه لهم ، مشي رجال من أشرافهم إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب ، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا فإما أن تكفه وإما أن تخلي بيننا وبينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه. فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا وردهم ردا جميلا ، فانصرفوا عنه.
ومضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ما هو عليه يظهر دين الله ويدعو إليه ثم سرى الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتضاغنوا وأكثرت قريش من ذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينها فتذامروا فيه وحض بعضهم بعضا ـ