وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا).
خاطب الله بهذه الآيات رسوله صلىاللهعليهوسلم والمراد به : الخلق كله ، فمن بلي بمثل ما كان بلي رسول الله صلىاللهعليهوسلم من السؤال والدعاء ، فله أن يقرأ أو يذكر ما في هذه الآيات.
ولو كان المراد [بالخطاب](١) بهذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم خاصة ، لكان لا يقول له : (قُلْ) ، ولكن يقول له : افعل كذا ، ولا تفعل كذا ؛ وعلى ذلك الخطاب في الشاهد في خطاب بعض بعضا ألا يقولوا : (قُلْ) ؛ فدل أنه على ما ذكرنا ، وكذلك قوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] : من استوصف صفات الله ، فعليه أن يصف له ما في سورة الإخلاص ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم وغيره من الخلائق سواء في ذلك الخطاب.
ثم في قوله : (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ...) الآية ذكر منّته بما هداه ، والاستسلام (٢) إلى شكر ما أنعم عليه. وفي قوله : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي) الأمر بإخلاص العبادة لله ـ عزوجل ـ وإسلام النفس له في جميع أحواله محياه ومماته.
وفي قوله : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا).
فيه الدعاء إلى وحدانية الله وربوبيته.
ثم في قوله : (إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي) دلالة رد قول من يستثني في إيمانه (٣) ؛ لأنه أمره أن يقول : (إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، من غير أن يأمره بالثنيا ؛ فمن استثنى فيه لا يخلو استثناؤه من أحد معنيين :
إما أن يكون لشك فيه.
أو لكتمان ما أنعم الله عليه ؛ فعلى كل من أنعم الله عليه أن يظهر ذلك ، وأن يشكر له على ذلك ؛ على ما أمر رسوله صلىاللهعليهوسلم بذلك.
وقوله : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
يخرج على وجهين :
أحدهما : يخرج على الأمر بالدعاء لنفسه ؛ لأنه قال : قل : أجعل صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين.
والثاني : على المنابذة مع أولئك الكفرة والفجرة ، يقول : أنا أجعل صلاتي وعبادتي
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : والاستبداء.
(٣) في أ : إيمان.