قيل (١) : مسلما ، والحنف : هو الميل ، وهو حنيف (٢) ، أي : مائل إلى دين الله ، أخبر أنه يدعو إلى دين الله ـ تعالى ـ إلى الدين الذي كان عليه آباؤه وأجداده ، أعني به : الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.
(وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
برأه ـ عزوجل ـ من الشرك.
وقيل (٣) : كان حنيفا خالصا لله مخلصا لم يشرك أحدا في ربوبيته ولا في عبادته ، على ما فعل أولئك الكفرة.
وفي حرف ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ وحفصة : دينا قيما فطرتكم التي فطرتم عليها ملة إبراهيم حنيفا.
ويقرأ : (قِيَماً) ، بالتشديد (٤) ، و (قِيَماً) بالتخفيف (٥). أو يخرج قوله : (إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) على الشكر له والحمد على ما أنعم عليه وأفضل له ، من الإكرام له بالهداية بالطريق المستقيم.
[والمستقيم](٦) يحتمل : القائم بالحق والبرهان وكذلك قوله : (دِيناً قِيَماً) بالحجج والبراهين ، ودين أولئك دين بهوى أنفسهم ؛ ولذلك قال : (حَنِيفاً).
وقوله : (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
__________________
(١) ذكره ابن جرير (١ / ٦١٧) ، والسيوطي في الدر (٣ / ٢٥٧) وعزاه لابن المنذر عن السدي.
(٢) في أ : الحنيف.
(٣) أخرجه ابن جرير (١ / ٦١٧) (٢١٠٥) عن السدي وذكره السيوطي في الدر (١ / ٢٥٧) وعزاه لابن أبي حاتم عن خصيف.
(٤) قرأ بها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ، مفتوحة القاف مشددة الياء.
ينظر : معجم القراءات القرآنية (٢ / ٣٣٩) ، إتحاف الفضلاء (٢٢٠) ، الإملاء للعكبري (١ / ١٥٤ ، ١٥٥) ، البحر المحيط (٤ / ٢٦٢) ، التبيان للطوسي (٤ / ٣٥٢) ، التيسير للداني (١٠٨) ، تفسير الطبري (١٢ / ٢٨٢) ، الحجة لابن خالويه (١٥٢) ، الحجة لأبي زرعة (٢٧٩) ، السبعة لابن مجاهد (٢٧٤) ، الغيث للصفاقسي (٢٢٠) ، الكشاف للزمخشري (٢ / ٥٠) ، الكشف للقيسي (١ / ٤٥٨ ، ٤٥٩) ، المحتسب لابن جني (٢ / ٣٩٠) ، المعاني للأخفش (٢ / ٢٩٢) ، المعاني للفراء (١ / ٣٦٧) ، النشر لابن الجزري (٢ / ٢٦٧).
(٥) قرأ بها عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي مكسورة القاف خفيفة الياء.
قال الزمخشري ـ رحمة الله عليه ـ : القيم : (فيعل) من (قام) كسيد من ساد وهو أبلغ من القائم.
وأما قراءة أهل الكوفة فقال الزجاج ـ رحمة الله عليه ـ : هو مصدر بمعنى : القيام ، كالصغر والكبر والشبع ، والتأويل : دينا ذا قيم ، ووصف الدين بهذا المصدر مبالغة.
ينظر : اللباب في علوم الكتاب (٨ / ٥٣٦) ، والكشاف (٢ / ٨٣).
(٦) سقط في أ.