نكاح الأمهات [ظاهرا](١) ، وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير ، رضي الله عنهما.
وقيل : الفواحش : المحرمات جملتها ، فما ظهر منها : فيما بينهم وبين الخلق ، وما بطن : فيما بينهم وبين الله تعالى.
وقيل (٢) : (ما ظَهَرَ مِنْها) : ما يكون بالجوارح ، (وَما بَطَنَ) : ما يكون بالقلب.
وعن مجاهد (٣) قال : (ما ظَهَرَ) : الجمع بين الأختين ، وتزوج الرجل امرأة أبيه وما بطن منها : الزنى ، وما حرم أيضا.
ويحتمل قوله : (ما ظَهَرَ) : ما يرى غيره ويبصر ، (وَما بَطَنَ) : ما يكون بالعين والقلب ؛ على ما روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «العينان تزنيان ، واليدان تزنيان» (٤) وما بطن : يكون زنى العين والقلب ؛ لأنه لا يعلمه غير الناظر ، والله أعلم ؛ فيصير كأنه ذكر التحريم في كل حرف من ذلك ، أي : حرم عليكم الشرك ، وحرم عليكم ترك الإحسان إلى الوالدين ، وحرم قتل الأنفس إلا بالحق ؛ فيصير كأنه ذكر التحريم في كل من ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ).
قيل (٥) : بالحق : إذا ارتد يقتل به ، وفي القصاص ، وفي الزنى إذا كان محصنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ).
(ذلِكُمْ) يعني : المحرمات التي (٦) ذكر (وَصَّاكُمْ بِهِ) اختلف فيه :
قيل (٧) : (وَصَّاكُمْ بِهِ) : فرض عليكم.
وقيل (٨) : (وَصَّاكُمْ بِهِ) : أمركم به.
وقيل : (وَصَّاكُمْ بِهِ) : بين لكم المحرم. وكله يرجع إلى واحد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أنه لم يحرم إلا ما ذكر (٩) ولم يحرم ما حرمتم
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (٤ / ٢١٤).
(٣) أخرجه ابن جرير (٥ / ٣٩٢) (١٤١٥٠).
(٤) أخرجه مسلم (٤ / ٢٠٤٦) كتاب القدر باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى (٢١ / ٢٦٥٧) ، وأحمد في مسنده (٢ / ٣٧٢).
والبغوي في شرح السنة (١ / ١٣٨) كتاب الإيمان باب الإيمان بالقدر ، عن أبي هريرة.
(٥) ذكره ابن جرير (٥ / ٣٩٣) ، والبغوي في تفسيره (٢ / ١٤١) ، وابن عادل في اللباب (٨ / ٥١٠).
(٦) في ب : الذي.
(٧) ذكره بمعناه ابن عادل في اللباب (٨ / ٥١١).
(٨) ذكره البغوي والخازن في تفسيرهما (٢ / ٤٦٦).
(٩) في ب : ذكرها.