إِمْلاقٍ) [الإسراء : ٣١] ليس فيه إباحة القتل إذا لم يكن هنالك (١) خشية الإملاق (٢) ، لكن ذكر هذا ؛ لأنهم [إنما](٣) كانوا يقتلون في ذلك (٤) الحال ، ففي ذلك خرج النهي.
وقوله ـ عزوجل ـ : (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ).
أي : على ما يخرج لكم من الزرع والثمار ، [والنبات](٥) فرزقكم من ذلك ، فعلى ذلك يرزق أولادكم مما يخرج من الأرض من النبات والزروع (٦) والثمار ، فلا تقتلوهم ، فإذا لم تقتلوا أنفسكم خشية الفقر والفاقة ، كيف تقتلون أولادكم لذلك؟ فالذي يرزقكم هو الذي يرزق أولادكم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ).
يحتمل قوله : (وَلا تَقْرَبُوا) ، أي : لا تواقعوها.
ويحتمل : لا تدنوا منها ، ولكن اجعلوا بينكم وبين الفواحش والمحرمات حجابا من الحلال ، وهكذا الحق على المسلم ألا يدنو من الحرام ، ويجعل بينه وبين ذلك حجابا وسترا من الحلال.
ثم اختلف في قوله : (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) :
قيل : الفواحش : الزنا ، ما ظهر منها : المخالطة باللسان ، والمجالسة معهن ، (وَما بَطَنَ) : فعل الزنا نفسه ؛ كانوا يجتمعون ، ويجالسونهن ، ولكن لا يجامعونهن بين أيدي الناس ، ثم إذا خلوا بهن زنوا بهن.
وقيل : كانوا يزنون بالحرائر سرّا ، وبالإماء ظاهرا ؛ فحرم ذلك عليهم.
وقيل (٧) : (ما ظَهَرَ مِنْها) : نكاح الأمهات (٨) ، (وَما بَطَنَ) : هو الزنى ، وكان
__________________
(١) في ب : هناك.
(٢) يقال : أملق الرجل : افتقر ، وحقيقة أملق صار ذا إملاق. قال الليث : الإملاق : كثرة إنفاق المال ، وقال النضر : إنه لمملق أي مفسد. وأملق يكون لازما ومتعديا ، يقال : أملق زيد وأملقه الدهر ، وأنشد لأوس :
لما رأيت العدم قيد نائلي |
|
وأملق ما عندي خطوب تنبل |
وملق الجدي أمه : رضعها. ينظر : عمدة الحفاظ (٤ / ١٢٤ ، ١٢٥).
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : تلك.
(٥) سقط في أ.
(٦) في أ : من الزرع.
(٧) ذكره ابن جرير (٥ / ٣٩٢) ، والسيوطي في الدر (٣ / ١٠٤) وعزاه لابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس.
(٨) اتفقت كلمة المسلمين قاطبة على أنه لا يجوز للإنسان أن يتزوج أمه ، وهذا المنع لم يكن خاصا بشريعة محمد صلىاللهعليهوسلم بل ذلك ثابت من زمن آدم إلى يومنا هذا حتى إنه لم ينقل حل نكاحهن في أي ـ