دحية الكلبي ، وأنه متى رآه على صورته صعق وتغير حاله ، فإذا رأوا ذلك في وجهه قالوا : إنه لمجنون (١) ، فقال : (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) ويكون فيه ما في رسول الله صلىاللهعليهوسلم من اللبس به.
والثاني : (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) ؛ لأنهم لا يعرفون صدقه ، فيحتاجون إلى الدلائل ، والآيات [التي] تدلهم على أنه ملك ، وعلى صدقه ، فذلك لا يعرف إلا بالبشر ؛ لأنهم [لا يعرفون صدقه](٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ ...) الآية.
قالوا : لا يجوز إضافة اللبس إلى الله ـ تعالى ـ إلا على المجازاة للبس ، كالاستهزاء ،
__________________
ـ القناعة والحاكم. وقال كثير من المفسرين في قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً)[الشورى : ٥١] هو أن ينفث في روعه بالوحي ، قال الحليمي : هذا هو الوحي الذي يخص القلب دون السمع.
الثالثة : أن يأتيه مثل صلصلة الجرس وهو أشده عليه ، فيتلبس به الملك حتى إن جبينه ليتفصد عرقا في اليوم الشديد البرد ، وحتى إن راحلته لتبرك على الأرض.
روى الشيخان عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن الحارث بن هشام رضي الله تعالى عنه سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال ، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول».
الرابعة : أن يكلمه الله تعالى بلا واسطة من وراء حجاب في اليقظة كما في ليلة الإسراء على القول بعدم الرؤية.
الخامسة : أن يكلمه الله تعالى كفاحا بغير حجاب على القول بالرؤية ليلة الإسراء.
السادسة : أن يكلمه الله تعالى في النوم ، كما في حديث معاذ عند الترمذي : «أتاني ربي في أحسن صورة فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى».
السابعة : مجيء الوحي كدوي النحل ، روى الإمام والحاكم ، عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إذا أنزل عليه يسمع عند وجهه كدوي النحل».
الثامنة : العلم الذي يلقيه الله تعالى في قلبه وعلى لسانه عند الاجتهاد في الأحكام.
وأما صفة حامله : فمجيء جبريل عليه الصلاة والسلام في صورته التي خلق عليها له ستمائة جناح يتناثر من أجنحته اللؤلؤ والياقوت ، وقد وقع ذلك مرتين : مرة في السماء ليلة المعراج ، ومرة في الأرض.
ومجيئه في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر وفي صورة دحية الكلبي. ومجيئه في صورة رجل غير دحية.
ونزول الوحي على لسان ملك الجبال ونزوله على لسان إسرافيل. ينظر سبل الهدى والرشاد (٢ / ٣٥٢ ـ ٣٥٥). وصحيح البخاري كتاب بدء الوحي ، ومسلم في كتاب الفضائل حديث (٨٧) ، وطبقات ابن سعد (١ / ١٩٧) ، والدارمي باب رقم (١٢) ، وأحمد (١٦٧).
(٧) في أ : إليه.
(١) في ب : مجنون.
(٢) في ب : لا يعرفونه ولا صدقه.