وقيل : الحفيظ والوكيل : واحد ، وقيل : الوكيل هو الكفيل ، وقد ذكرناه في غير موضع فيما تقدم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ).
نهانا الله ـ عزوجل ـ عن سبّ من يستحق السبّ ؛ مخافة سبّ من لا يستحق [السبّ](١).
فإن قيل : كيف نهانا عن سب من يستحق السب ؛ مخافة سبّ من لا يستحق ، وقد أمرنا بقتالهم ، وإذا قاتلناهم قاتلونا ، [وقتل](٢) المؤمن بغير حق من المناكير ، وكذلك أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتبليغ الرسالة والتلاوة عليهم ، وإن كانوا يستقبلونه بالتكذيب؟!
قيل : إن السبّ لأولئك [مباح](٣) غير مفروض ، والقتال معهم فرض ، وكذلك التبليغ فرض يبلغ إليهم ، وإن كانوا ينكرون ما يبلغهم ، وكذلك القتال نقاتلهم (٤) ، وإن كان في ذلك إهلاك أنفسنا وأصله أن ما خرج الأمر به (٥) مخرج الإباحة فإنه ينهى عما يتولد منه ويحدث ، وما كان الأمر به أمر فرض ولزوم لا ينهى عن المتولد منه والحادث.
ويجوز أن يستدل بهذا على تأييد مذهب أبي حنيفة ـ رضي الله عنه ـ في قوله : إن [من](٦) قطع يد آخر بقصاص فمات في (٧) ذلك أخذ بالدية (٨) ، وإذا قطع اليد بحدّ لزمه
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : وقيل : سب.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : يقاتلهم.
(٥) زاد في ب : يخرج.
(٦) سقط في أ.
(٧) في ب : من.
(٨) الدية في اللغة مصدر ودي القاتل القتيل يديه دية إذا أعطى وليه المال الذي هو بدل النفس ، وأصلها ودية ، فهي محذوفة الفاء كعدة من الوعد وزنة من الوزن وكذلك هبة من الوهب. والهاء في الأصل بدل من فاء الكلمة التي هي الواو ، ثم سمي ذلك المال (دية) تسمية بالمصدر.
وفي الاصطلاح عرفها بعض الحنفية بأنها اسم للمال الذي هو بدل النفس.
ومثله ما ذكر في كتب المالكية حيث قالوا في تعريفها : هي مال يجب بقتل آدمي حر عوضا عن دمه.
لكن قال في تكملة الفتح : الأظهر في تفسير الدية ما ذكره صاحب الغاية آخرا من أن الدية : اسم لضمان (مقدر) يجب بمقابلة الآدمي أو طرف منه ، سمي بذلك لأنها تؤدى عادة وقلما يجري فيها العفو لعظم حرمة الآدمي.
وهذا ما يؤيده العدوي من فقهاء المالكية حيث قال بعد تعريف الدية : إن ما وجب في قطع اليد مثلا يقال له دية حقيقة ؛ إذ قد وقع التعبير به في كلامهم. ـ