١ ـ المثال الأول : هو أنه لو أخذنا ـ «أكرم زيدا» ـ فإن مدلوله التصوري واضح ، وهو الوجوب بنحو النسبة الإرساليّة المتعلق ـ «بزيد» ـ ، لكن لو شككنا في أنّ المتكلم ، هل كان هازلا أم جادا في كلامه ، فالمرجع حينئذ هو ، أصل عقلائي يقول : إنّ ظاهر حال المتكلم ، أن لا يقول ما لا يريده ، وهذا غير مقدمات الحكمة ، إذ لسنا بحاجة إليها في المقام لتعين المراد.
٢ ـ المثال الثاني : هو ، «أكرم العالم» ، فإنه لا بدّ من إجراء مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق عند الشك في التقييد ، وذلك عملا بأصل عقلائي يقول : إنّ ظاهر حال المتكلم هو ، أن لا يريد أزيد ممّا يقول ، فلو أنّه أراد «الفقيه» من قوله ، ـ «أكرم العالم» ـ لكان مراده أزيد من كلامه ، وهذا الظهور هو مقدمات الحكمة.
والأصل الأول نحتاجه في كل كلام نحتمل فيه الهزل لإثبات أنّ المولى كان جادا ، بينما الأصل الثاني نحتاجه في كلام نحتمل فيه التقييد فقط.
والآن نأتي إلى أداة العموم فنقول : إنها في مرحلة المدلول اللفظي موضوعة لاستيعاب تمام أفراد المدلول الوضعي للمدخول ، وهو الطبيعة المهملة ، لكن أوضحنا أنها مطلقة بالحمل الشائع ، وفي مرحلة المدلول التصديقي لو كان لا يريد إكرام الكل ، لكان معناه أنه قال ما لا يريده ، وهو خلاف الظهور الحالي الأول ، بينما في ـ «أكرم العالم» ـ يمكن أن لا يريد إكرام البعض ، لأن هذا البعض ليس مقولا لكلامه ، فإن المطلق لا نظر له إلى الإفراد ، بل ينظر إلى ذات الطبيعة ، وهي صادقة في البعض وفي الكل.
وهذا هو الفارق بين العموم والإطلاق ، فإنه في العام يتعامل مع الأفراد بخلاف المطلق ، فإنه يتعامل مع الطبيعة ، وعليه فالحكمة التي نحتاجها في الأداة ومدخولها هي الظهور الحالي الأول للمتكلم لا الثاني ، فإنّ هذا مورده الإطلاق ، وبهذا يتضح عدم الحاجة إلى إجراء الإطلاق ومقدمات الحكمة في مدخول الأداة.
٢ ـ المسلك الثاني : هو أنّ ـ «كل» ـ تدل على استيعاب تمام ما يصلح