هذه بعض المناظرات التي جرت بين عمر وابن عباس ، وقد دلّت على قدراته العلمية وسعة معارفه وفضله.
ومنيت البصرة بعد حادثة الجمل بالفتن والخطوب السود ، فقد شاع فيها الثكل والحزن والحداد لكثرة من قتل فيها من أنصار عائشة ، والطالبين بدم عثمان ، فكان أبناؤهم واخوانهم وأصدقاؤهم يحقدون على الإمام أشدّ ألوان الحقد والبغض.
وقد عهد الإمام عليهالسلام بولاية هذا القطر الذي شاعت فيه الفتن والأهواء إلى حبر الامّة ليبلور الموقف ، ويحسم الفتن ويفنّد أباطيل أعدائه ، ويوضّح لهم القصد ، ويهديهم إلى سواء السبيل.
وقد زوّده الإمام عليهالسلام ببعض الرسائل الحافلة بالوعظ والإرشاد ونكران الذات والتي منها :
١ ـ كتب الإمام عليهالسلام إلى ابن عبّاس هذه الرسالة الموجزة :
أمّا بعد فلا يكن حظّك في ولايتك ما لا تستفيده ، ولا غيظا تشفيه ، ولكن إماتة باطل وإحياء حقّ (١).
وحدّدت هذه الرسالة مسئولية ابن عباس في ولايته على البصرة أن يقيم الحقّ ويميت الباطل ، وأن لا يكون هدفه الحصول على المال أو التشفّي من خصومه وأعدائه ، وهو تصوّر بارع للسياسة الإسلامية التي بنيت على الحقّ المحض والعدل الخالص.
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ١ : ٣٢٧.