ولمّا استقرّ محمّد في مصر كتب رسالة إلى معاوية يدعوه فيها إلى الجماعة والطاعة ، ويذكر فيها فضائل الإمام عليهالسلام وهذا نصّها :
من محمّد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر :
سلام على أهل طاعة الله ممّن هو سلم لأهل ولاية الله ، أمّا بعد :
فإنّ الله بجلاله وعظمته ، وسلطانه وقدرته خلق خلقا بلا عبث منه ، ولا ضعف في قوّته ، ولا حاجة به إلى خلقهم ؛ ولكنّه خلقهم عبيدا ، وجعل منهم غويا ورشيدا وشقيّا وسعيدا.
ثمّ اختارهم على علمه ، فاصطفى وانتخب منهم محمّدا صلىاللهعليهوآله ، فاختصّه برسالته ، واختاره لوحيه ، وائتمنه على أثره ، وبعثه رسولا ، ومبشرا ونذيرا ، مصدّقا لما بين يديه من الكتب ، ودليلا على الشرائع ، فدعا إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة.
فكان أوّل من أجاب وأناب ، وآمن وصدّق ، وأسلم وسلّم ، أخوه وابن عمّه ، صدّقه بالغيب المكتوم ، وآثره على كلّ حميم ، ووقاه بنفسه كلّ هول ، وواساه بنفسه في كلّ خوف وحارب حربه ، وسالم سلمه ، فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الأزل (١) ومقامات الرّوع ، حتى برّز سابقا لا نظير له في جهاده ولا مقارب له في فعله.
وقد رأيتك تساميه ، وأنت أنت ، وهو هو السابق المبرّز في كلّ خير أوّل النّاس إسلاما ، وأصدق الناس نيّة ، وأطيب الناس ذرّيّة ، وخير الناس زوجة ، وخير الناس ابن عمّ ، أخوه الشاري لنفسه يوم مؤتة ، وعمّه سيّد الشهداء يوم احد ، وأبوه الذابّ
__________________
(١) الأزل : الضيق والشدّة.