وأجابه قيس بهذه الرسالة :
أمّا بعد : فقد بلغني كتابك ، وفهمت ما ذكرت فيه.
فأمّا ما ذكرت من أمر عثمان فذلك أمر لم أقاربه ، ولم انتطف فيه (١).
وأمّا قولك : إنّ صاحبي أغرى الناس بعثمان ، فهذا أمر لم أطّلع عليه.
وذكرت انّ معظم عشيرتي لم يسلموا من دم عثمان ، فأوّل الناس فيه قياما عشيرتي ، ولهم اسوة غيرهم.
وأمّا ما ذكرت من مبايعتي إيّاك وما عرضت عليّ ، فلي فيه نظر وفكرة ، وليس هذا ممّا يسارع إليه ، وأنا كاف عنك ، ولن يبدو لك من قبلي شيء ممّا تكره ، والسلام (٢).
ولمّا قرأها معاوية لم يجد فيها ثغرة يسلك فيها لإفساد قيس ، فكتب إليه :
أمّا بعد : فقد قرأت كتابك فلم أرك تدنو فأعدك سلما ، ولم أرك مباعدا فأعدك حربا ، وليس مثلي من يخدع ، وبيده أعنّة الخيل ، ومعه أعداد الرجال ، والسلام.
ورأى قيس أنّ معاوية لا يقبل المماطلة فأظهر له ما في نفسه وكتب له :
أمّا بعد : فالعجب من اغترارك بي يا معاوية! وطمعك فيّ تسومني الخروج
__________________
(١) لم انتطف فيه : أي لم أتلطّخ به.
(٢) النجوم الزاهرة ١ : ٩٩.