وتصدّع عن ابن الحضرمي كثير ممّن كان يريد نصرته ، فكان كذلك حتى أمسى فأتى رحله ، فبيته نفر من هذه الخارجة المارقة فاصيب رحمهالله تعالى فأردت أن اناهض ابن الحضرمي فحدث أمر قد أمرت رسولي هذا أن يذكره لأمير المؤمنين ، وقد رأيت أنّ رأي أمير المؤمنين ما رأيت أن يبعث إليهم جارية بن قدامة ، فإنّه نافذ البصيرة ومطاع في العشيرة ، شديد على عدوّ أمير المؤمنين ، فإن يقدم يفرق بينهم بإذن الله ، والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ».
ولمّا وردت الرسالة إلى الإمام دعا جارية بن قدامة ، وعرض عليه الأمر فاستجاب له ، ومضى يجدّ السير حتى انتهى إلى البصرة ، فقام بما عهد إليه ، فاستجاب له خلق من الأزد ، وثابوا إلى الطاعة ونبذ الخلاف.
وزوّد الإمام عليهالسلام جارية بن قدامة بالرسالة التالية فقرأها على أهل البصرة وهي : من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى من قرئ عليه كتابي هذا من ساكني البصرة من المؤمنين والمسلمين ، سلام عليكم.
أمّا بعد ، فإنّ الله حليم ذو أناة لا يعجل بالعقوبة قبل البيّنة ، ولا يأخذ المذنب عند أوّل وهلة ، ولكنّه يقبل التّوبة ، ويستديم الأناة ، ويرضى بالإنابة ، ليكون أعظم للحجّة ، وأبلغ في المعذرة.
وقد كان من شقاق جلّكم ـ أيّها النّاس ـ ما استحققتم أن تعاقبوا عليه ، فعفوت عن مجرمكم ورفعت السّيف عن مدبركم ، وقبلت من مقبلكم ، وأخذت بيعتكم ، فإن تفوا ببيعتي وتقبلوا نصيحتي ، وتستقيموا على طاعتي أعمل فيكم بالكتاب والسّنّة وقصد الحقّ ، واقم فيكم سبيل الهدى.