ومن مظاهر عدل الإمام عليهالسلام عزله للمنذر بن الجارود حينما بلغه أنّه جافى سيرة أبيه الجارود الحافلة بالتقوى والصلاح ، فقد كتب إليه الإمام عليهالسلام ما نصّه :
أمّا بعد ، فإنّ صلاح أبيك ما غرّني منك ، وظننت أنّك تتّبع هديه ، وتسلك سبيله ، فإذا أنت فيما رقّي إليّ عنك لا تدع لهواك انقيادا ، ولا تبقي لآخرتك عتادا. تعمر دنياك بخراب آخرتك ، وتصل عشيرتك بقطيعة دينك. ولئن كان ما بلغني عنك حقّا ، لجمل أهلك وشسع نعلك خير منك ، ومن كان بصفتك فليس بأهل أن يسدّ به ثغر ، أو ينفذ به أمر ، أو يعلى له قدر ، أو يشرك في أمانة ، أو يؤمن على جباية فأقبل إليّ حين يصل إليك كتابي هذا إن شاء الله (١).
لقد صبّ الإمام عليهالسلام جام غضبه على المنذر حينما بلغه أنّه خان المسلمين ، فقد عنّفه بهذا اللون من العنف الذي هو أشدّ من ضرب السيوف ، ثمّ عزله عن منصبه من أجل صيانة العدل ، والحفاظ على حقوق المسلمين ومصالحهم ، وليس من العدل في شيء إبقاء من خان المسلمين في منصبه بل لا بدّ من عزله وإقصائه.
أمّا الجيش فهو السياج الواقي للامّة ، والحامي لها من الاعتداء والغزو ، وهو أفضل جهاز في الدولة ،و لننظر إلى ما قاله الإمام عليهالسلام من المدح والاطراء :
فالجنود ، بإذن الله ، حصون الرّعيّة ، وزين الولاة ، وعزّ الدّين ، وسبل الأمن ، وليس تقوم الرّعيّة إلاّ بهم.
أرأيتم هذا التمجيد؟
__________________
(١) نهج البلاغة ٣ : ١٤٥.