قال عمر : إنّك تقول : إنّما صرفوها ـ أي الخلافة ـ عنكم حسدا وبغيا وظلما.
وأجابه ابن عباس بأروع الحجّة قائلا :
أمّا قولك يا أمير المؤمنين! ظلما ، فقد تبيّن للجاهل والحليم ، وأمّا قولك :
حسدا ، فإنّ آدم حسد ، ونحن ولده المحسودون.
والتفت إليه عمر بغيظ قائلا :
هيهات ، هيهات ، أبت والله! قلوبكم يا بني هاشم! إلاّ حسدا لا يزول.
وأجابه ابن عباس قائلا :
مهلا يا أمير المؤمنين! لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا بالحسد والغش ... فإنّ قلب رسول الله صلىاللهعليهوآله من قلوب بني هاشم.
ولذع هذا الكلام مشاعر عمر ، وصاح بابن عباس :
إليك عنّي يا ابن عباس.
افعل.
وانحاز ابن عباس عنه ، فلمّا أراد الانصراف استحيا عمر فقال له :
يا ابن عباس ، مكانك ، فو الله! إنّي لراع لحقّك ، محبّ لما سرّك.
وسارع ابن عباس قائلا :
يا أمير المؤمنين ، إنّ لي عليك حقّا ، وعلى كلّ مسلم ، فمن حفظه فحظّه أصاب ، ومن أضاعه فحظّه أخطأ.
ثمّ انصرف ابن عباس عنه (١).
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٣ : ٦٣ ـ ٦٤. تاريخ الطبري ٥ : ٣١. شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٣ : ١٠٧.