وتميّز قيس بوفور العقل وحسن التدبير ، وروي عنه أنّه قال : لو لا أنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « المكر والخديعة في النّار » لكنت من أمكر هذه الامّة (١).
وكان قيس ندي الكفّ جوادا لا يبارى ، فكان يستدين ويطعم الفقراء ، وقال أبو بكر وعمر : إن تركنا هذا الفتى أهلك مال أبيه ، فمشيا في الناس يمنعونهم من سؤاله ، وسار النبيّ صلىاللهعليهوآله يوما ، فقام سعد بن عبادة خلفه ، وقال : من يعذرني من ابن أبي قحافة وابن الخطّاب يبخلان على ابني (٢).
قلّده الإمام عليهالسلام ولاية مصر في سنة ( ٣٧ ه ) وقال له الإمام عليهالسلام :
« اخرج إلى رحلك ، واجمع إليك ثقاتك ومن أحببت أن يصحبك حتّى تأتيها ومعك جندك ، فإنّ ذلك أرعب لعدوّك ، وأعزّ لوليّك ، وأحسن إلى المحسن ، واشتدّ على المريب ، وارفق بالعامّة والخاصّة ، فإنّ الرّفق يمن ».
فقال له قيس : اخرج إليها بجند ، فو الله! لئن لم أدخلها إلاّ بجند آتيها به من المدينة لا أدخلها أبدا ، فأنا ادع ذلك الجند فإن كنت احتجت إليهم كانوا منك قريبا ، وإن أردت أن تبعثهم إلى وجه من وجوهك كانوا عدّة لك.
وخرج قيس في سبعة من أصحابه ، حتى انتهى إلى مصر ، وفور انتهائه صعد المنبر ، وأمر بقراءة كتاب الإمام عليهالسلام الذي فيه ولايته ، ثمّ خطب الناس قائلا :
الحمد لله الذي جاء بالحقّ ، وأمات الباطل ، وكبت الظالمين.
__________________
(١) النجوم الزاهرة ١ : ٩٥.
(٢) المصدر السابق ١ : ٩٦.