وإنّ أعظم الخيانة خيانة الأمّة ، وأفظع الغشّ غشّ الأئمّة ، والسّلام (١).
من وصايا الإمام الخالدة التي حوت الفضائل والآداب الرفيعة هذه الوصية التي عهد بها إلى عمّال الصدقة ، قال عليهالسلام :
انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له ، ولا تروّعنّ مسلما ، ولا تجتازنّ عليه كارها ، ولا تأخذنّ منه أكثر من حقّ الله في ماله ، فإذا قدمت على الحيّ فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم ، ثمّ امض إليهم بالسّكينة والوقار ؛ حتّى تقوم بينهم فتسلّم عليهم ، ولا تخدج بالتّحيّة لهم (٢) ، ثمّ تقول : عباد الله ، أرسلني إليكم وليّ الله وخليفته ، لآخذ منكم حقّ الله في أموالكم ، فهل لله في أموالكم من حقّ فتؤدّوه إلى وليّه؟
فإن قال قائل : لا ، فلا تراجعه ، وإن أنعم (٣) لك منعم (٤) فانطلق معه من غير أن تخيفه أو توعده أو تعسفه أو ترهقه ، فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضّة ، فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلاّ بإذنه ، فإنّ أكثرها له ، فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلّط عليه ولا عنيف به. ولا تنفّرنّ بهيمة ولا تفزعنّها ، ولا تسوأنّ صاحبها فيها ، واصدع المال (٥) صدعين ثمّ خيّره ، فإذا اختار فلا تعرضنّ لما اختاره. ثمّ اصدع
__________________
(١) نهج البلاغة ٣ : ٢٦.
(٢) تخدج : أي تبخل.
(٣) أنعم : أي قال لك نعم.
(٤) المنعم : هو الذي يدفع الزكاة ، وهذا من روائع الأدب العلوي.
(٥) أصدع المال : أي قسّمه نصفين.