أيّها الناس ، إنّا قد بايعنا خير من نعلم بعد نبيّنا صلىاللهعليهوآله فقوموا أيّها الناس فبايعوه على كتاب الله وسنّة رسوله ، فإن نحن لم نعمل لكم بذلك فلا بيعة لنا.
وانبرت الجماهير فبايعت الإمام عليهالسلام (١).
وورم أنف معاوية ، وانتفخ سحره حينما علم بتقلّد قيس ولاية مصر فراح يدبّر المؤامرات لجلبه إليه ، وقد كتب إليه الرسالة التالية :
من معاوية بن أبي سفيان إلى قيس بن سعد بن عبادة ، سلام عليك أمّا بعد : فإنّكم إن كنتم نقمتم على عثمان في امور رأيتموها أو ضربة سوط ضربها ، أو شتمة شتمها ، أو في سير سيّره ، أو في استعماله الفيء ، فقد علمتم أنّ دمه لم يكن حلالا لكم فقد ركبتم عظيما من الأمر وجئتم شيئا ادّا ، فتب إلى الله يا قيس بن سعد ، فإنّك ممّن أعان على قتل عثمان ، إن كانت التوبة من قتل المؤمن تغني شيئا ، وأمّا صاحبك ـ يعني الإمام أمير المؤمنين ـ فقد تيقّنا أنّه الذي أغرى به ، وحملهم على قتله حتى قتلوه ، وأنّه لم يسلم من دمه عظم قومك فإن استطعت أن تكون ممّن يطلب بدم عثمان فافعل ، فإن بايعتنا على هذا الأمر فلك سلطان العراقين ، ولمن شئت من أهلك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان ، وسلني غير هذا ممّا تحبّ فإنّك لا تسألني شيئا إلاّ اوتيته ، واكتب إليّ برأيك فيما كتبت به إليك والسلام.
وحفلت هذه الرسالة بالخداع والأكاذيب ، فليس قيس ولا الإمام لهما ضلع في إراقة دم عثمان وإنّما أجهز عليه عمله وسوء سياسته ، وقد بسطنا الكلام فيها.
__________________
(١) تاريخ ابن الأثير ٣ : ١٣٧.