هذه بعض الصفات السيّئة الماثلة فيهم ، وهي ـ من دون شكّ ـ تخرجهم عن اطار المؤمنين.
أمّا بعد ، فأقم للنّاس الحجّ ، وذكّرهم بأيّام الله ، واجلس لهم العصرين ، فأفت المستفتي ، وعلّم الجاهل ، وذاكر العالم. ولا يكن لك إلى النّاس سفير إلاّ لسانك ، ولا حاجب إلاّ وجهك. ولا تحجبنّ ذا حاجة عن لقائك بها ، فإنّها إن ذيدت (١) عن أبوابك في أوّل وردها لم تحمد فيما بعد على قضائها.
وانظر إلى ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلى من قبلك من ذوي العيال والمجاعة ، مصيبا به مواضع الفاقة والخلاّت وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسمه فيمن قبلنا.
ومر أهل مكّة ألاّ يأخذوا من ساكن أجرا ، فإنّ الله سبحانه يقول : ( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) فالعاكف : المقيم به ، والبادي : الّذي يحجّ إليه من غير أهله.
وفّقنا الله وإيّاكم لمحابّه والسّلام » (٢).
وحفلت هذه الرسالة بجميع مقوّمات الإنسانية ، فقد حفلت بما يلي :
١ ـ أن يجلس للناس مجلسا عامّا يعظهم ، ويرشدهم للتي هي أقوم ، يجلس لهم صباحا ومساء ، ويقوم في مجلسه بإفتاء المستفتي ، وتعليم الجاهل
__________________
(١) ذيدت : أي منعت.
(٢) مصادر نهج البلاغة وأسانيده ـ قسم الرسائل والعهود : ٣٠٧.