وإن فاز وانتصر عاش عيشة الأحرار ، وباء أعداؤه بالسعير وبئس القرار.
جاء رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال له : يا رسول الله ، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي (أي اغتصابا). قال الرسول : لا تعطه. قال الرجل : أرأيت إن قاتلني؟. قال الرسول : قاتله. فقال الرجل : أرأيت إن قتلني؟. قال الرسول : فأنت شهيد. فقال الرجل : أرأيت إن قتلته؟. قال الرسول : هو في النار.
ولقد تردد في سنة الرسول عليه الصلاة والسّلام صوت الدعاء إلى العزة وإباء الضيم ، فقال : «من تضعضع لغنيّ لينال مما في يده أسخط الله» .. وفي رواية : «من جلس إلى غني فتضعضع له لدنيا تصيبه ذهب ثلثا دينه ، ودخل النار» .. وقال : اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس ، فإن الأمور تجري بالمقادير وقال : «إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها». وقال «من أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منا».
والعزة ليست تكبرا أو تفاخرا ، وليست بغيا أو عدوانا ، وليست هضما لحق أو ظلما لإنسان ، وإنما هي الحفاظ على الكرامة ، والصيانة لما يجب أن يصان ، ولذلك لا تتعارض العزة مع الرحمة ، بل لعل خير الأعزاء هو من يكون خير الرحماء ، وهذا يذكّرنا بأن القرآن الكريم قد كرر قوله عن رب العزة : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) تسع مرات في سورة الشعراء ، ثم ذكر في كل من سورة يس والسجدة ، والدخان وصفي : (الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) مرة.
ثم إن أغلب المواطن التي جاء فيها وصف الله باسم «الْعَزِيزُ» قد اقترن فيها هذا الاسم باسم «الْحَكِيمُ». والحكيم هو الذي يوجد الأشياء على غاية الإحكام والضبط ، فلا خلل ولا عيب.
وكما تكون العزة خلقا كريما ووصفا حميدا ، إذا قامت على الحق والعدل واستمدها صاحبها من حمى ربه لا من سواه : (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) ... تكون العزة الكاذبة أو الضالة خلقا ذميما حين تقوم على البغي والفساد ، ومن ذلك النوع قول الله تعالى : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ