التقوى
التقوى كما يقول المرحوم مصطفى صادق الرافعي في كتابه «إعجاز القرآن» هي الأصل الأول لأخلاق الإسلام الفردية والاجتماعية التي أمضاها وأعلنها ، ورفع شأنها ، وجعلها من العزائم المفروضة والفضائل الواجبة.
والتقوى معناها في الأصل : جعل النفس في وقاية مما تخاف ، يقال : اتّقى فلان بكذا ، إذا جعله وقاية لنفسه ، ولذلك قيل : التقوى من الاتقاء ، وهو طلب السلامة بما يحجز عن المخافة. والتقوى في اصطلاح الشرع والعقل هي حفظ النفس عما يشينها ويعرضها للملام أو العذاب ، وذلك بترك أسباب السخط والعقوبة ، وفعل الفرائض المنجية المؤدية إلى النعيم والثواب ، وإنما يكمل ذلك ويتم بترك بعض المباحات ، وإلى هذا أشار الحديث الشريف الذي يقول : «الحلال بيّن ، والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن واقع الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب».
وفي هذا الحديث ما يفيد أن تمام التقوى المشار إليه بقوله : «اتق الشبهات» مرتبط بطهارة القلب ونظافته من الوساوس والهواجس ، ومن سيىء المشاعر وخبيث الخواطر ، ولا شك أن هذه الطهارة هي أمّ مكارم الأخلاق ، وأصل فروع الفضائل.