البرّ
هناك كلمات إسلامية مظلومة القدر مهضومة الحق ، لأننا حرّفناها عن جليل معناها ، أو بعدنا بها عن نبيل مغزاها ، أو جعلنا نكررها بألسنتنا دون تمعن فيها أو تدبر لمراميها. ومن هذه الكلمات كلمة «البر» ، فغاية ما يفهمه كثير من عامة الناس عن كلمة «البر» هو المعنى المادي الحسي المحدود ، وهو معاونة المحتاجين بشيء من المال أو الصدقة. ونحن ـ مثلا ـ نقول في كثير من الأحيان إن رمضان هو شهر الاحسان ، ثم نحسب أن البر في رمضان هو أن نتصدق ـ فقط ـ على هذا الفقير ببضعة قروش ، أو أن نقدّم لذاك المسكين قدرا من الطعام ، مع أن البر في منطق الاسلام اسم لفضيلة جامعة لأنواع الخير والتوسع فيه ، فهو كما يقول بصراء العلماء : البرّ فعل الواجبات ، والبعد عن المحرمات ، والبشاشة مع الناس ، والعطف عليهم ، والاحسان اليهم ، وتحمل الأذى منهم.
وإذا رجعنا إلى اللغة وجدنا أن مادة «البر» تدل على السعة والصدق والطاعة وقد قالوا إن كلمة : «البر» ـ بكسر الباء ـ مأخوذة من كلمة البر بفتح الباء ـ وهو خلاف البحر ، وقد تصوروا فيه التوسع ، فاشتقوا منه كلمة «البر» بمعنى التوسع في فعل الخير.
والبر في تعبير القرآن الكريم يفيد معنى الايمان وما يتبعه من أعمال ، فهو يشمل صحة الاعتقاد واستقامة التطبيق ، ولذلك يقول الحق جل جلاله في في سورة البقرة : «لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَلكِنَ