وَشِقاقٍ) فعزة الكافرين تعزز كاذب ، ولذلك جاء في الحديث : «كلّ عز ليس بالله فهو ذل». ومن ذلك أيضا قوله تعالى عن بعض الضالين : (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) والعزة هنا مستعارة للحمية الجاهلية والأنفة الذميمة ، ومن ذلك أيضا قوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) أي يحاولون التمنع بهم من العذاب : وهيهات ، وهيهات.
ورضوان الله على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حين أراد أن يوطد في نفس أبي ذر الغفاري قواعد العزة ، عند ما أرغمه بعض حكام عصره على على شدة تعرض لها فقال : «يا أبا ذر ، إنك غضبت لله فارج من غضبت له ، إن القوم خافوك على دنياهم ، وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم ، وما أغناك عما منعوك ، وستعلم من الرابح غدا ، والأكثر حسّدا ، ولو أن السموات والأرض كانتا على عبد رتقا (١) ، ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجا ، لا يؤنسنك إلا الحق ، ولا يوحشنك إلا الباطل ، فلو قبلت دنياهم لأحبّوك ، ولو قرضت (٢) منها لأمنوك». أي لو ذللت ونلت من متاع الدنيا لما خافوك.
إن العزة ميراث المؤمن ، فليحرص كلّ مؤمن على ميراثه.
__________________
(١) أي مضمومة ملتحمة.
(٢) أخذت منها ونلت.