المسارعة الى الخير
«المسارعة» من «السرعة» ، ومادة «سرع» لها أصل يدل على خلاف البطء ، فالسريع ضد البطيء ، وسرعان الناس : هم أوائلهم الذين يتقدمون سراعا ، والمساريع في الحرب : جمع مسراع ، وهو الشديد الإسراع في الامور مثل مطعان ومطاعين ، فهو من أبنية المبالغة ، والمسارعة هي المبادرة ، والفرق بين السرعة والعجلة أن السرعة هي التقدم فيما يجوز أن يتقدم فيه ، وهي صفة محمودة وفضيلة مشكورة ، وضدها الابطاء وهو مذموم ، والعجلة هي التقدم فيما لا ينبغي أن يتقدم فيه ، وضدها الأناءة وهي محمودة.
وقد جاء في القرآن الكريم نسبة السرعة إلى الله عزوجل ، فقال عنه تعالى : «سَرِيعُ الْحِسابِ) ثماني مرات ، وقال : (سَرِيعُ الْعِقابِ) مرتين ، وقال : (أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) مرة ، وقال : (أَسْرَعُ مَكْراً) مرة. ونسبة السرعة إلى الله في الحساب أو العقاب تنبيه على ما قال : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ).
والمراد بالمسارعة إلى الخير هو الارتياح لعمل الخير ، وسرعة التفتح النفسي له والاقبال الروحي والعملي عليه ، والفرح بالدعوة إليه والتذكير به ، وهذه فضيلة من أكرم الفضائل الانسانية التي تدل على المعدن الاصيل الطيب عند الانسان ، والاستعداد القوي النبيل للاستجابة في كل موطن من مواطن الخير والبر ، وكأن صاحب هذه الفضيلة يجد متعته النفسية ولذته الروحية في السبق إلى الطيب من القول والعمل بلا تردد أو إبطاء.