الانابة
«الإنابة» كلمة تفيد معنى الرجوع والاقبال ، يقال : أناب ينيب إنابة فهو منيب ، إذا أقبل ورجع ، والإنابة الى الله جل جلاله هي الرجوع اليه بالاستغفار والمتاب ، وإخلاص العمل لوجهه ، والتزام بابه ، وفي الإنابة أيضا معنى المسارعة بالعودة الى الله ، والثبات على كلمته كلما همّ الشيطان أن يوسوس للانسان ، بالإعراض عنه أو النسيان له ، ولذلك قال السلف : المنيب هو الذي يعود سريعا الى ربه. وكأن معنى الإنابة سيتجدد ويتأكد ويتكرر ، لأن الوسوسة مستمرة ، فلا بد من استمرار الاعتصام بباب الله واللجوء الى الانابة في كل وقت ، وبهذا تكسب الانابة صفة الفضيلة الأصيلة والخلق الكريم ، فالمنيب هو الذي يسارع إلى طاعة الله ومواطن مرضاته ، ويرجع اليه في كلّ وقت ، ويبذل طاقته ليلتزم طاعته.
وها هو ذا أحد أعلام الصوفية ، وهو الهروي ، يقول في كتابه «منازل السائرين» حين حديثه عن فضيلة الانابة عند أهل التصوف : «الانابة في اللغة الرجوع ، وهي هاهنا الرجوع الى الحق. وهي ثلاثة أشياء : الرجوع الى الحق إصلاحا ، كما رجع اليه اعتذارا والرجوع اليه وفاء ، كما رجع اليه عهدا والرجوع اليه حالا ، كما رجع اليه إنابة». أي أن الإنابة تقتضي اعتذارا عن الهفوة إن وقعت ، وإصلاحا لها بالحسنة ، ومحوا لها بالطاعة. وتقتضي الوفاء