الايمان ، لأن الايمان شطران ، فنصفه صبر ، ونصفه شكر.
* * *
ومما يجلو مكانة الصبر وشأنه أن الله تبارك وتعالى جعله صفة من صفاته ، فالله جل جلاله هو «الصّبور» ، أي الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام والعقاب ، وفي الحديث القدسي الذي رواه النبي عن ربه : «إني أنا الصبور». وفي الحديث النبوي : «لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عزوجل».
ومعنى «الصبور» قريب من معنى «الحليم» ، والفرق بينهما أن المذنب لا يأمن العقوبة في صفة «الصبور» كما يأمنها في صفة «الحليم».
* * *
والقرآن المجيد يحدثنا بأن الصبر صفة الأنبياء والمرسلين ، فهو يقول في سورة «ص» عن أيوب : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ). ويقول في سورة الأنبياء : (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ). ويقول في سورة يونس لرسول الله محمد عليه الصلاة والسّلام : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ). ويقول في سورة الأحقاف مخاطبا إياه أيضا : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ). ويقول في سورة الأنعام : (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا).
والصبر هو ـ كما يحدثنا القرآن الكريم ـ خلق أهل العزيمة القوية ، وأصحاب الإرادة الماضية ، الذين يعرفون الخير ، ويعزمون عليه ، ويمضون فيه ، لا ينثنون عنه مهما كلفهم من تعب أو مشقة ، ومن هنا جعل القرآن الصبر من «عزم الأمور» ، والعزم هو عقد القلب على إمضاء الأمر ، وهو أيضا المحافظة على ما يؤمر الانسان به ، وقيل إن عزم الأمور هو محكم