الأمور. وقيل إن عزم الأمور معناه معزومات الأمور التي يجب العزم عليها ، أو مما عزم الله تعالى أن يكون ، أي من عزمات أموره التي لا بد من وقوعها ، فهي مطلوبة مأمور بها.
يقول الله تبارك وتعالى في سورة الشورى ، : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ، ويقول في سورة لقمان : (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ). ويقول في سورة آل عمران : (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).
ويعلّق الأستاذ الامام الشيخ محمد عبده على هذه الآية فيقول : «الصبر هو تلقي المكروه بالاحتمال وكظم النفس عليه ، مع الروية في دفعه ، ومقاومة ما يحدثه من الجزع ، فهو مركب من أمرين : دفع الجزع ومحاولة طرده ، ثم مقاومة أثره حتى لا يغلب على النفس ، وإنما يكون ذلك مع الإحساس بألم المكروه ، فمن لا يحس لا يسمّى صابرا ، وإنما هو فاقد الإحساس ، يسمّى بليدا ، وفرق بين الصبر والبلادة ، فالصبر وسط بين الجزع والبلادة ، وما أحسن قرن التقوى بالصبر في هذه الموعظة ، وهي أن يمتثل ما هدى الله اليه فعلا وتركا ، عن باعث القلب ، وذلك من عزم الأمور ، أي التي يجب أن تعقد عليها العزيمة ، وتصح فيها النية وجوبا محتما لا ضعف فيه».
ومن هنا نفهم أن من شأن الصبر أن يكون في مواطن الشدة والتعب التي يحتاج احتمالها الى عزيمة وإرادة وتصميم ، ولذلك قرن كتاب الله تعالى بين ذكر الجهاد وذكر الصبر ، لأن في الجهاد مشقة تستلزم العزيمة ، فجاء في سورة البقرة قوله : (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ). وجاء في سورة آل عمران : (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ). وجاء في سورة الأنفال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ، وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ