خلقين يحبهما الله ورسوله.
وجاء في حديث آخر : «أشدكم من غلب نفسه عند الغضب : وأحلمكم من عفا عند المقدرة». وكذلك جعل الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الحلم أحد أسباب ثلاثة يبتغي بها الانسان الرفعة عند الله ، وهي وصل من قطعك ، وإعطاء من حرمك ، والحلم عمن جهل عليك.
ولقد تألق في تاريخ هذه الأمة أفراد أعلام ضربوا القدوة في الحلم ، وعلى رأسهم قيس بن عاصم المنقري ، الذي يروون عنه أنه كان جالسا ذات يوم بفناء داره ، وهو محتب بكسائه ، فدخل عليه جماعة يحملون شخصا مقتولا ، ويقودون شخصا مكتوفا ، فقالوا له : هذا ابنك قد قتله ابن أخيك ، فلم يضطرب ولم يفك حبوته ، بل التفت الى أحد أبنائه وقال له : قم فأطلق عن ابن عمك ، ووار أخاك ، واحمل الى أمه مائة من الإبل ، فإنها غريبة. ثم أنشأ يقول :
إني امرؤ لا يعتري خلقي |
|
دنس يغيّره ولا أفن |
من منقر في بيت مكرمة |
|
والغصن ينبت حوله الغصن |
خطباء حين يقوم قائلهم |
|
بيض الوجوه أعفّة لسن |
لا يفطنون لعيب جارهم |
|
وهم لحفظ جواره فطن |
ثم أقبل على ابن أخيه ـ وهو القاتل ـ فقال له : قتلت قرابتك ، وقطعت رحمك ، وأقللت عددك ، لا يبعد الله غيرك. وفي قيس هذا يقول الشاعر عبدة بن الطبيب :
عليك سلام الله قيس بن عاصم |
|
ورحمته ما شاء أن يترحما |
تحية من ألبسته منك نعمة |
|
إذا زار عن شحط بلادك سلّما |
وما كان قيس هلكه هلك واحد |
|
ولكنه بنيان قوم تهدما |
* *
وجاء من بعده الأحنف بن قيس الذي ضربوا به المثل فقالوا ، «أحلم من