واستوى عليها ، وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار».
ومن روائع حلمه كذلك أن رجلا كافرا دنا من النبي صلىاللهعليهوسلم وهو نائم ، ورفع الرجل السيف فوق النبي ، فانتبه فقال له الرجل : من يمنعك مني؟. فقال الرسول بكل ثبات وطمأنينة : الله. فارتعد الرجل ، وسقط السيف من يده ، فأخذه النبي وقال : من يمنعك مني؟. فقال الرجل في ضعف : كن خير آخذ. فقال له النبي : قل أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، فقال الرجل : لا ، غير أني لا أقاتلك ، ولا أكون معك ، ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فعفا النبي عنه ، وأطلق سبيله ، فعاد الرجل الى قومه يقول لهم : جئتكم من عند خير الناس.
* *
ومن وراء الأنبياء والمرسلين يأتي الصالحون من العباد ، وإذا كان الله جل جلاله قد جعل رسوله محمدا مثلا عاليا في الحلم ، فقد أراد لأتباع محمد عليه الصلاة والسّلام أن يسيروا على نهجه وسنته ، ولذلك يقول القرآن الكريم عن الأخيار من هؤلاء في سورة الفرقان : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) وقد علق الحسن على هذه الآية فقال عن أصحابها : حلماء إن جهل عليهم لم يجهلوا.
وقد عني رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بالتوجيه الى الحلم ، والحث على الاتصاف به ، فقال من حديث له : «إن الله يحب الحليم الحييّ ...». ولقد جاء الأشج الى الرسول فقال له النبي : إن فيك يا أشج خلقين يحبهما الله ورسوله. قال : وما هما بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ فقال النبي : الحلم والأناة. فسأله الأشج قائلا : خلقان تخلقتهما أو خلقان جبلت عليهما؟. فقال النبي : بل خلقان جبلك الله عليهما. فقال : الحمد لله الذي جبلتي على