ربط النفس به ، أو خوف ضعف القوة عن الوفاء بتمام حقوق الله تعالى ، أو خوف زوال رقة القلب وتبدلها بالقسوة ، أو خوف الميل عن طريق الاستقامة ، أو خوف استيلاء العادة في اتباع الشهوات المألوفة ، أو خوف أن يكله الله تعالى إلى حسناته التي اتكل عليها أو تفاخر بها بين عباد الله ، أو خوف البطر بكثرة نعم الله تعالى عليه ، أو خوف الاشتغال عن الله بغير الله ، أو خوف الاستدراج باتصال النعم وتواترها ، أو خوف انكشاف غوائل الطاعات ، حيث يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب ، أو خوف تبعات الناس عنده بسبب الغيبة والخيانة والغش وإضمار السوء.
أو خوف ما لا يدري أنه يحدث في بقية عمره ، أو خوف تعجيل العقوبة في الدنيا والافتضاح قبل الموت ، أو خوف الاغترار بزخارف الدنيا ، أو خوف اطّلاع الله على سريرته في حال غفلته عن الله ، أو خوف خاتمة السوء عند الموت ، أو خوف السابقة التي سبقت عليه في الأزل.
ولقد ذكر الغزالي أن أغلب أنواع الخوف على اليقين هو خوف سوء الخاتمة ، والمراد من سوء الخاتمة هو أن يغلب على القلب ـ عند سكرات الموت وظهور أهله ـ الشك أو الجحود ، فتقبض الروح في حال غلبة الجحود أو الشك ، فيكون ذلك حجابا بين الانسان وربّه ، وذلك يقتضي البعد الدائم والعذاب الخالد وربما وقع سوء الخاتمة بأن يغلب على قلب الانسان عند الموت حبّ أمر من أمور الدنيا ، أو شهوة من شهواتها ، فيتمثل ذلك في قلبه ويستحوذ عليه ، فلا يبقى فيه متسع لغيره ، ويتفق قبض الروح في تلك الحالة ، فيكون ذلك سببا في صرف وجهه وقلبه إلى شهوات الدنيا ، وإذا انصرف وجه الانسان عن ربه وقع الحجاب ، وإذا وقع الحجاب ، نزل العذاب ، والقرآن يقول : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ).
فعلى المؤمن إذن أن يواصل استشعار الخوف من الله والوجل لذكره ، والخشية من عقابه ، وليتذكر قول ربه : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ