(يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ، وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ).
وهكذا لا ينبغي أن يفر الانسان من الكلمة الطيبة ما استطاع اليها سبيلا ، والمؤمن في قوله وحكمه ورأيه لا يخادع ولا ينافق ، ولا يتذبذب أو يتلون ، ولا يفر من أداء واجبه ، لأنه أمانة لا تجوز خيانتها ، ولا يفر من إسهامه بعلمه او جسمه او ماله فيما يندبه اليه دينه ، ولا يفر من موطن البأس اذا كتبه الله عليه او عرّضه له.
ولقد حذر القرآن من التنكر لخلق الثبات والدوام على الحق ، فقال في سورة المائدة :
(وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ). وقال في سورة محمد : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ) .. وقال في سورة الحج : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ (١) فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ، وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ ، خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ، ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ). وقال في سورة التوبة : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ (٢) فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ). وقال في سورة النساء : (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا : أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ، وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا : أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ، إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ ، وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى ، يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً ، مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً).
إنها صور مجسمة لطوائف تنكروا لخلق الثبات فكانوا من الخاسرين ،
__________________
(١) على حرف : على غير ثبات أو دوام.
(٢) يلمزك : يعيبك ويطعن عليك.