وثالثاً : مذهب ابن سيرين في التثويب يخدش اجماع الجمهور في كونه سنة ، لأنّه من كبار الفقهاء التابعين .
ورابعاً : يظهر من النَّصّ أنّ ظاهرة التثويب لم تكن منتشرة في عهد التابعين ، وآية ذلك ان ابن سيرين لا يعلم بها على ما يبدوا ، أو لم يثبت عنده كما أنّها لم تثبت عند الإمام الشافعي وغيره من بعده شرعية ذلك حسبما حكيناه .
وأنّ حكاية أبي حنيفة كلام حماد عن إبراهيم النخعي في شرعية الكلام في الأذان وعدمه يشير إلى أنّ الناس كانوا يريدون أن يقولوا بشرعية « الصلاة خير من النوم » في الأذان من خلاله ، فجاء في الآثار للشيباني قال محمد :
أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا حماد عن إبراهيم أنّه قال في المؤذن يتكلّم في أذانه ، قال : لا امره ولا أنهاه .
قال محمّد : وأما نحن فنرى أن لا يفعل وإن فعل لم ينقض ذلك أذانه وهو قول أبي حنيفة رضياللهعنه (١) .
وعليه فصار هناك اتجاهان في التثويب :
أحدهما اتجاه النهج الحاكم وقد تبناه بنو أمية وأتباعهم .
والآخر : الطالبيين وبنو هاشم وكثير من الصحابة . وهم الذين كانوا لا يرتضون التثويب ويجهرون بـ (حيّ على خير العمل) وهذا ما نراه في موقف صاحب فخ الحسين بن علي (٢) والذي اتخذه كشعار لثورته .
______________________
(١) الآثار ١ : ١٠٠ ، وأخرجه أبو يوسف في آثاره : ١٩ .
(٢) اُنظر : مقاتل الطالبيين : ٤٤٣ ـ ٤٤٧ ، وانظر كتابنا (حي على خير العمل) .