فإن قال ليس بثقة ، فنقول له : كيف تجيزون التعبد بمذهب شخص غير ثقة ؟
وإن قال أنّه ثقة وإمام لكن البلاغ في كتابه لا يدلّ على شيء ، فنقول له : لماذا لا يدلّ ؟ وهل في ما نقله ما ينافي العقل والفطرة والدين . أم إنّ في المنقول ما لا يوافق سيرة الخليفة في الأحكام وفي غيره ، مع إقرارهم وقولهم بأنّ عمر بن الخطّاب كان مجتهداً ، وأنّ الصحابي له أن يجتهد ، والمجتهد إن أصاب له أجران وإن أخطأ فله أجر واحد (١) ، وعمر على ضوء هذا التخريج يكون قد اجتهد في هذه المفردة إن لم نقل قد ابتدع وشرّع حكماً قبال سنّة رسول الله .
فالإمام مالك بحكايته ذلك البلاغ لا يريد أن يشوه سمعة عمر وينتقص من منزلته عند المسلمين بل جاء ليُبيّن حقيقة تاريخية عرفها ممّن سبقه كما عرفها آخرون من فقهاء المذاهب كالشافعي .
إذن ، النَّصّ يوضح وجود من يتهم عمر بن الخطّاب بوضع التثويب في الأذان قبل علماء الشيعة ومحدثيهم أمثال الكوفي وابن شاذان .
بعد هذا فلا يجوز كم الأفواه بدعوى أنّ الشيعة تريد الحط من قدر الصحابة والقدح فيهم ولا سيما القدح في عمر بن الخطاب الفاروق !! فاتح فارس !!!
كما عرفتَ الفرق بين شرعية التثويب عند الجمهور ومحبوبية الشهادة الثالثة عند الشيعة الإمامية ، فالجمهور ينسبون التثويب وما يليه من بدع وإحداثات إلى رسول الله وبلال الحبشي مباشرة زوراً وبهتاناً ، بخلاف الشيعة الذين يأتون بها معترفين بعدم كونها جزءاً على عهد رسول الله وفي عهد علي بن أبي طالب والأئمّة من ولده
______________________
(١) صحيح البخاري ١ : ١٦٠ باب أذان الأعمى .