فهذا النَّصّ كسابقه يريد أن يلقي تبعة التثويب على آخرين مثل بلال وسعد القرظ ، معتبرين عمر بن الخطاب من المخالفين له ومن الذين يرونه بدعة ، وانك ترى في النَّصّ الأول انّ عمر نسي أن يذكّر بلال مما دعى الناس أن يؤذنوا بها حتى اليوم ، وفي هذا النص أيضاً : أنّ سعد القرظ هو أوّل من قال « الصلاة خير من النوم » في خلافة عمر ، وأنّ عمر كان يراها بدعة ثم تركه .
وقد يكون كلام الراوي هنا صحيحاً بعض الشيء وأنّ عمر في أوائل خلافته كان يراها ـ كغيره من المسلمين ـ بدعة في الفجر ؛ وذلك لاعقاده بأنّ الرسول أمر بلالاً أن يجعلها في أذانه للفجر لا في أذان الفجر ، وأنّه رآها بعد ذلك تُقال في أذان الفجر وأراد رفعها لكنّه نسى ، وأخيراً نراه ما مات حتّى ذهب إلى ما ذهب إليه غيره ، فاقرأ ما جاء في موطأ مالك :
|
حدّثني عن مالك : أنّه بلغه أنّ المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائماً ، فقال : الصلاة خير من النوم ، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح (١) . |
بلى ، إنّ المؤذن قد يكون سعد القرظ (٢) لأنّه أول من قال « الصلاة خير من النوم » في خلافة عمر (٣) حسبما جاء في بعض الأخبار .
وعليه فغالب علماء الجمهور يشهدون بتبني عمر للتثويب ولم ينفرد به مالك حسبما قاله بعض مدعى العلم ، فاقرأ ما جاء في المجموع وفي غيره :
______________________
(١) موطأ مالك : ٦٨ باب ما جاء في النداء للصلاة .
(٢) مؤذن الشيخين في عهدهما .
(٣) كنز العمال ٨ : ٣٥٧ .