ثمّ إطلاق الغزالي وغيره أنّ التثويب يشمل الأذان الذي قبل الفجر والذي بعده ، وصرح في التهذيب بأنّه إذا ثوّب في الأذان الأول لا يثوب في الثاني على الأصح ، ثمّ أنّ التثويب ليس بشرط هكذا صرح به الأصحاب ، وقال إمام الحرمين في اشتراطه احتمال وهو بالخلاف أولى من الترجيع (١) .
بلى أخذت الأحداث يسري في الأذان شيئاً فشيئاً ، وأخذت أشكاله وأنماطه تتغير من شكل إلى آخر (٢) والكل يرجع تلك الصور والإحداثات إلى بلال ثم إلى إقرار رسول الله لها ، قال العظيم آبادي في ضمن كلامه عين تربيع التكبير في أول الأذان أو تثنيته :
|
وكان أمر الأذان ينقل من حال إلى حال وتدخله الزيادة والنقصان وليس أمور كلّ الشرع ينقلها رجل واحد ، ولا كان وقع بيان كلّها ضربة واحدة ... (٣) . |
ويؤكّد مدعانا أنّ غالب الذين رووا التثويب هم من أبناء سعد القرظ وأبي محذورة وعمومة عبد الله بن زيد بن عبد ربّه وكلّ هؤلاء كانوا من الذين نصبهم الخلفاء للأذان .
|
قال ابن جريج : أخبرني عمرو بن حفص أنّ سعداً (المؤذّن) أوّل من قال : « الصلاة خير من النوم » في خلافة عمر ، فقال عمر : بدعة ، ثمّ تركه وأنّ بلال لم يؤذّن لعمر (٤) . |
______________________
(١) روضة الطالبين ١ : ٣١٠ .
(٢) الفصل الرابع يرتبط ببيان السَّير الفقهي والتاريخي لاختلاق هذه المقولة وكيفية تعاملت المذاهب الأربعة معها بين الأمس واليوم ، نأمل أن نوفّق في الكتابة عنه .
(٣) عون المعبود ٢ : ١٣٣ .
(٤) المصنّف لعبد الرزاق ١ : ٤٧٤ / ١٨٢٨ .