بل لماذا يصر الخلفاء أمويين وسلجوقيين وعثمانيين على وضع (الصلاة خير من النوم) ورفع الحيعلة الثالثة وعلى أيّ شيء يدلّ هذا الاهتمام ؟ إنّها مسألة تحتاج إلى بحث وتحقيق .
إنّ التأكيد على اسم بلال المؤذن في التثويب كان لتحكيم موضع الخلفاء فيه والقول بأن له جذور على عهد رسول الله ، في حين قد عرفت بأنّ التثويب هو شيء طارئ على الشريعة وأنّ بلالاً كان بعيداً عنه كل البعد ، وحتّى ما قالوه من نداءه بالليل فهو لا يفيدهم ، لأنّهم يريدون تشريعه في صلاة الصبح ، فهولم يؤذّن لأبي بكر ولا لعمر حتّى نعلم بمشروعيّته أو عدم مشروعيته ، بل إنّ عدم تأذينه في عهدهما دعا إلى ترك الأذان بحي على خير العمل ، فقد جاء عن أبي بصير عن أحد الصادقين (١) أنّه قال : إنّ بلالاً كان عبداً صالحاً فقال : لا اؤذن لأحد بعد رسول الله فترك يومئذ حي على خير العمل (٢) .
كما مَرّ عليك كلام النووي بأنّ أبا بكر لما ولي الخلافة وترك بلال الأذان له دعا سعد القرظ من قبا كي يؤذن في مسجد رسول الله في المدينة ، فلم يزل يؤذن فيه حتّى مات .
وعليه فدعوى كون التثويب هو رأي لبلال الحبشي ـ سواء أخذه عن رجل في عهد أبي بكر أو هو رأي خاص به ذهب إليه لما رأى رسول الله نائماً ـ لا أراه صحيحاً ومستقيماً وإن دلّت عليه بعض الأخبار عندهم ، فقد يكون ذلك الرأي الوارد في كتبهم يعود إلى أبي بكر وعمر ومن نصبوه للتأذين بعد بلال الحبشي كسعد القرظ و ...
______________________
(١) أي الإمام محمد الباقر أو الإمام جعفر الصادق عليهماالسلام .
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ١٨٤ / ح ٧٨٢ باب الأذان والإقامة .