أو أنّهم كانوا يريدون منه شيء ثالث .
نحن وضّحنا هذه الأمور في الفصل الثاني من كتابنا « حي على خير العمل الشرعية والشعارية » مؤكّدين بأنّ ترك بلال الأذان للشيخين لم يكن للمرابطة على الثغور والمشاركة في الجهاد كما يقولون ، بل كان اعتراضاً على تصدرهم الخلافة .
فهو لم يكن على وفاق مع نهج الخلافة بعد رسول الله ، حيث لم نقف على اسمه ضمن الذين قاتلوا أصحاب من سمّوا بحروب الردة !! بعد رسول الله ، مع أنّ تلك الحروب طالت ـ ما بين موت النبي وبدء فتوح الشام ـ ما يقارب عاماً ، فلماذا لا يؤذن بلال لأبي بكر مع بقاءه في المدينة حتّى إذا بدأت الجيوش زحفها إلى الشام خرج بلال ـ طائعاً أو مكرهاً ـ إلى الشام وبقي فيها حتّى توفاه الله . ونحن كنا في ذلك الكتاب قد نقلنا نصوصاً عن النووي وابن كثير والمقريزي وغيرهم تؤكّد ترك بلال للأذان في عهدهما ممّا أجبرهم على أن يأتو بسعد القرظ من قبا إلى المدينة كي يؤذّن بالمسجد النبوي ، فعدم تأذينه لهما يعني عدم صحّة إلقاء تبعة التثويب عليه بعد يقيننا بأنّه لم يكن على عهد رسول الله ، وعدم صحّة قول الراوي : « فلم يمكث أبو بكر إلّا قليلاً حتي إذا كان عمر قال : لو نهينا بلالاً عن هذا الذي أحدث وكأنّه نسيه ... » .
فالسؤال لماذا لا يؤذن بلال للخلفاء ويؤذن للصديقة فاطمة الزهراء ؟ (١)
بل ما هو وجه الترابط بين رفع الحيعلة الثالثة ووضع التثويب ؟
بل ما هو وجه الترابط بين القول بإمامة أمير المؤمنين علي والقول بشرعية الحيعلة الثالثة وبين رفض إمامته والقول برفع الحيعلة الثالثة ؟
______________________
(١) اُنظر من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٩٨ / ح ٩٠٧ .