قال : أعطاني وهو راكع . فكبّر النبيّ وقال : الحمدُ لله الذي خصَّ عليّاً بهذه الكرامة ، فأنزل الله عزّ وجل : ( ... وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) يعني شيعة الله ورسوله والذين آمنوا هم الغالبون ... (١) .
قال الزمخشري في قوله : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ... وَهُمْ رَاكِعُونَ ) : وقيل : هو حال من يؤتون الزكاة بمعنى يؤتونها في حال ركوعهم في الصلاة ، وأنّها نزلت في علي كرّم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه كأنّه كان مرجأ في خنصره ، فلم يتكلّف لخلعه كثيرَ عمل تفسد بمِثله صلاتُه .
فإن قلت : كيف صحّ أن يكون لعلي رضي الله عنه واللفظ لفظ جماعة ؟
قلت : جيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلاً واحداً ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه ، ولينبّه على أنّ سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البرّ والإحسان وتفقّد الفقراء ، حتّى إن لزم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة لم يؤخّروه إلى الفراغ منها (٢) .
ولما نزلت الآية أنشأ حسّان بن ثابت يقول :
أبا حسن تَفديك نفسي ومهجتي |
|
وكلُّ بطيء في الهدى ومُسارِعِ |
أيذهب مدحيك المحبَّرُ ضائعاً |
|
وما المدح في جنب الإله بضائعِ |
______________________
(١) تفسير مقاتل ١ : ٤٨٥ ـ ٤٨٧ .
(٢) الكشاف ١ : ٦٢٤ .