هذه الآيات تكشف عن حقائق بصورة إجمالية ، منها :
١ ـ أنّ الله
تعالى أظهر جميع ذرّية آدم إلى يوم القيامة في مرحلة واحدة من الخلق.
٢ ـ أنّ الله
سبحانه أشهدهم على أنفسهم وأخذ الإقرار منهم بربوبيته.
٣ ـ الهدف من
أخذ الإقرار والإعتراف والشهادة لأمرين :
أوّلاً
: عدم السماح
للمشركين لادّعاء الغفلة والجهل عن حقيقة التوحيد ووحدانية الله يوم القيامة.
وثانياً
: منعهم من
اتّخاذ التقليد لآبائهم ذريعة لارتكاب المعاصي.
وأهمّ سؤال
يُطرح هنا هو : متى وقع هذا (الظهور)؟ وبأيّة صورة تمّ ذلك؟ وما المراد من (عالم
الذرّ)؟ وكيف تحقّق
هذا الأمر؟ للأجابة عن هذا السؤال هناك ستّة آراء على الأقل ، وقد أيّد كلَّ واحد
منها جماعة من المفكّرين الإسلاميين :
١ ـ طريق
المحدّثين وأهل الظاهر ، حيث يقولون : إنّ المراد هو ما ورد في بعض الأحاديث من
أنّ ذريّة آدم بأجمعهم قد خرجوا من ظهره على شكل ذرّات دقيقة وملأت الفضاء وكانت
تتمتّع بالعقل والإحساس والقدرة على النطق ، فخاطبهم الله عزوجل وسألهم : (ألست
بربّكم؟) فقالوا جميعاً
: (بَلى) ؛ وبذلك أخذ العهد الأوّل على التوحيد ، وكان بنو الإنسان
بأنفسهم شاهدين على ذلك .
٢ ـ المراد من
عالم الذرّ وتفسير الآية أعلاه هو الذرّات الاولى لوجود الإنسان ، أي النطفة التي
انتقلت من ظهور الآباء إلى أرحام الامّهات وتبدّلت في المراحل الجنينية إلى صورة
إنسان كامل تدريجياً ، وقد أعطاها الله عزوجل في ذلك الحال القوى والقابليات المختلفة كي تدرك حقيقة
التوحيد ومنهاج الحقّ ، وقد جعل هذه الفطرة التوحيدية ملتحمة بوجوده.
__________________