ويشمل كلّ حكم في عالم الوجود وعالم الشريعة والدنيا والآخرة.
أمّا المراد من (الوجه) في العبارة : (كُلُّ شَىءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) فإنّ البعض فسّره بمعيّة الأعمال الصالحة التي تنجز لله تعالى ، فيما فسّره البعض الآخر بمعنى الدين والقانون ، والبعض الآخر بمعنى مقام الربّ.
ولكنّا نعلم أنّ (وجه) يعني في الأصل (الصورة) وكما يقول الراغب : أنّ الوجه هو أوّل ما يواجه الأشخاص الآخرين وهو أشرف الأعضاء في الإنسان ، ولذا اطلقت هذه الكلمة على الموجودات الشريفة ، وبهذه المناسبة يطلق على ذات الله المقدّسة وقد استعملت بهذا المعنى في الآية ظاهراً.
وبما أنّ كلّ موجود يرتبط بهذه الذات الباقية والأبدية ، فانّه يتلوّن بلون الأبدية فإنّ دين الله وشريعته والأعمال المنجزة من أجله والأنبياء تكون خالدة وباقية لارتباطها بالله تعالى ، وبهذا تجتمع التفاسير المذكورة في مضمون الآية.
* * *
عند الاختلاف ارجعوا إلى الله :
الآية التاسعة ترى (الحاكمية) بمعنى القضاء حيث تقول : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَىءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ).
أجل ، إنّه وحده القادر على رفع الاختلاف فيما بينهم لأنّه عالم بكلّ شيء وله الولاية على الجميع.
وتضيف الآية : (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّى عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيْهِ انِيبُ).
وهناك أقوال عديدة في تفسير هذه الآية ، فالبعض اعتبرها ناظرة إلى الاختلافات والخصومات بين الناس الذين وجَبَ عليهم الإحتكام إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، فيما اعتبرها البعض الآخر إشارة إلى الاختلاف في تأويل الآيات وتفسيرها ، في حين اعتبرها آخرون ناظرة إلى الاختلاف في العلوم المرتبطة بالمفاهيم الدينية والتكاليف وواجبات الناس مثل معرفة الروح وأمثالها (١).
__________________
(١) نقلت هذه التفاسير الثلاثة عن المفسّرين في تفسير روح المعاني ، ج ٢٥ ، ص ١٥.