إنّ هذه الكلمة عندما تطلق على الله عزوجل يمكن أن تكون فيها إشارة إلى أبعاد الربوبية المختلفة أي المالكية والتدبير والإصلاح والتربية والقيمومة والإنعام.
«تدبير» : من (دبْر) ويعني المجيء خلف شيء ، والتدبير يعني جعل الشيء ذا عاقبة حسنة ونتيجة مرغوبة ، العمل الذي لا يمكن إنجازه إلّابالعلم والوعي وبهذا فإنّ لفظ (مدبّر) يطلق على أشخاص يتدبّرون عواقب الأعمال ويوصلونها إلى نهاياتها المطلوبة ويمتلكون رؤية ثاقبة ووعياً كافياً (١).
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
الله سبحانه وتعالى ربّ العالمين :
إنَّ الآية الاولى التي نردّدها صباحاً ومساءً تقول : (الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ) قد تكرّرت في سور قرآنية عديدة من قبل العباد أو من قبل الله تعالى ، وتكون تارة مرتبطة بالدنيا ، واخرى بيوم القيامة (٢).
هذه الآية تتضمّن في الحقيقة استدلالاً لطيفاً على أنّ الله عزوجل أهل لكلّ حمدٍ وثناء ، لأنّه المربّي الحقيقي للعالمين أجمعين ، فهو الخالق وهو الرازق وهو المالك وهو المربّي وهو المدير والمدبّر وهو المرشد والمعلّم والهادي ، والملاحظ أنّ (الحمد) استعمل كجنس يشمل كلّ أنواع الثناء ، و (العالمين) كذلك ، فانّه جاء على هيئة الجمع المحلّى بالألف واللام فانّه يشمل موجودات العالم كلّها من عقلاء وغير عقلاء ماديّة وغير مادّية (واستعمالها بصورة الجمع العاقل فانّه من باب التغليب) (٣).
__________________
(١) مقاييس اللغة والتحقيق في كلمات القرآن الكريم ومفردات الراغب.
(٢) الأنعام ، ١٠.
(٣) لهذا فانّه حينما وصف موسى عليهالسلام الله تعالى أمام فرعون بأنّه (ربّ العالمين) سأل فرعون : ومن ربّ العالمين؟ فأجاب موسى : ربّ السماوات والأرض وما بينهما.