ويعتقد البعض الآخر أنّ الآية ناظرة إلى حقّانية القرآن الكريم ، ونبوّة الرسل ، ويقولون : «أولم يكف ربّك شاهداً أنّ القرآن من عند الله» (١).
ويبدو أنّ التفاسير الثلاثة الاولى من بين التفاسير الخمسة هذه والتي ترى أنّ الآية ناظرة إلى قضيّة التوحيد وإثبات وجود الله هي أكثر صحّة، ويبدو التفسير الأوّل منها أكثر انسجاماً مع معاني الألفاظ الواردة في الآية، وبذلك يكون شاهداً على (برهان الصدّيقين).
وننهي هذا الكلام بحديث معتبر للإمام الصادق عليهالسلام.
عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبدالله عليهالسلام : إنّي ناظرت قوماً فقلت لهم : إنّ الله جلّ جلاله أجلّ وأعزّ وأكرم من أن يُعرف بخلقه بل العباد يُعرفون بالله ، فقال : «رحمك الله» (٢).
ومن الطبيعي أنّ هذا الكلام لا يتنافى أبداً مع استخدام برهان النظم وأدلّة التوحيد وعظمة الله في موجودات العالم ، في الحقيقة فإنّ برهان النظم في مستوى ، وهذا البرهان (برهان الصدّيقين) هو في مستوى أعلى وأرفع.
بزوغ الشمس دليل عليها :
في الآية الثانية يدور الحديث حول شهادة الله سبحانه على وحدانيته ثمّ شهادة الملائكة والعلماء حيث تقول : (شَهِدَ اللهُ انَّهُ لَاإِله إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَاولُوا العِلْمِ) ، وتضيف : أنّ ذلك يكون مع قيام الله سبحانه بالعدل وإدارة العالم على محور العدل : (قَائِمَاً بِالقِسطِ).
وبما أنّ القيام بالقسط والعدل يحتاج إلى أصلين هما : القدرة والعلم لكي تتحدّد موازين العدل بالعلم أوّلاً وتطبّق بالقدرة ثانياً ، أضافت الآية في ذيلها : (لَاإِلهَ إِلَّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ).
والمراد من شهادة الملائكة واولو العلم واضح ، ولكن ما هو المراد من شهادة الله؟
هناك خلاف بين المفسّرين ، حيث اعتقد البعض أنّ المراد هو الشهادة (الفعلية)
__________________
(١) راجع تفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٠.
(٢) اصول الكافي ، ج ١ ، ص ٨٦ ، باب أنّه لا يعرف إلّابه ، ح ٣.