الاستبدادي ، كما يلاحظ في الآية حيث جاء التعبير أكثر صراحة : (قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخرِجَاكُم مِّنْ أَرضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ المُثلَى). (طه / ٦٣)
* * *
الجواب الدائم للمشركين :
إنّ الآية الرابعة تنقل هذا المضمون على صورة إجابة دائمة من قبل مشركي مكّة حيث تقول : (وَاذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما انزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلفَينَا عَلَيهِ آبَاءَنَا).
وهذا في الحقيقة هو منطق كلّ معاند لجوج حيث يتوسّل بالتقليد حينما يعجز عن كلّ شيء ، التقليد الأعمى للأسلاف الضالّين والجاهلين والتفاخر بذلك دون امتلاك أي جواب تجاه الأدلّة المحكمة التي أقامها الأنبياء لإثبات حقّانية دعوتهم وبطلان الشرك وعبادة الأصنام.
والقرآن الكريم يردّ هذا المنطق بجملة قصيرة واحدة حيث تقول في طول هذه الآية بشكل سؤال : (أَوَلَو كَانَ آباؤُهُم لَايعقِلُونَ شَيئاً ولَا يَهتَدُونَ) (١).
أي أنّ تقليدهم لو كان كتقليد الجاهل للعالم لكان مقبولاً ، ولكنّه ليس كذلك بل هو تقليد جاهلٍ لجاهلٍ آخر ، واتّباع ضالٍ لضالٍ آخر ، فمثلهم كالأعمى الذي يقوده أعمى آخر.
إنّ هذه الآية وما سبقها من آيات تتحدّث ـ كما يفهم من سياقها ـ عن مشركي العرب ، وما احتمله بعض المفسّرين من انّها تقصد اليهود وما ورد عن ابن عباس بشأن سبب نزولها يُعد أمراً بعيداً.
* * *
__________________
(١) في الآية جملة مقدّرة معناها : «أيتّبعون ما ألفوا عليه آباءهم في كلّ حال وفي كلّ شيء ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون».