كسائر الظواهر الاجتماعية لا تنشأ من عامل واحد بل توجد عوامل مختلفة تعاضدت على ايجاده ، من بينها.
الميل إلى المحسوسات والإستئناس بها والمطالبة بإله محسوس.
واللجوء إلى الأوهام في المجتمعات المتخلّفة (الظنّ بتأثير الأصنام في الشفاعة والعزّة والنصر والتقرّب إلى الله والظنّ بعدم إمكانية عبادة الله بصورة مباشرة ووجوب استخدام الوسائط والظنّ بقداسة التماثيل المصنوعة على هيئة الأنبياء والصلحاء وأوهام اخرى).
وهكذا التقليد الأعمى للأسلاف وعدم الإستعداد للتحقيق في قضيّة المعرفة الإلهيّة.
كذلك استغلال المستكبرين والمستعمرين للميل إلى الشرك وعبادة الأصنام للوصول إلى أهدافهم الشيطانية ، واستغفال الناس كانت عوامل مختلفة سبّبت نشوء فكرة الشرك أو استمراره وبقاءه على طول التاريخ.
وقد واجهت هذه التيارات المنحرفة القويّة خطّ الأنبياء الذي يدعو البشر من جهة إلى التحرّر من إطار الحسّ وإدراك ما وراء الطبيعة ، ومن جهة اخرى يدعوهم إلى عبادة الله مباشرةً والخضوع بين يدي ربّ الكون كلِّه واللجوء إلى ذاته المقدّسة في كلّ حال والقضاء على الأوهام.
ومن جهة ثالثة يدعو لكسر طوق التقليد الأعمى والإقبال على البحث في عالم الوجود ومعرفة الآيات الإلهيّة في الآفاق والأنفس.
ومن جهة رابعة يدعو عالم البشرية إلى الوحدة وتحطيم الأصنام المفرِّقة والتحرّر من نير الإستغلال والاستعمار والغفلة والاستضعاف.
هذه هي الخطوط العامّة للكفر والإيمان والشرك والتوحيد.
ونختم هذا الكلام بما أورده العلّامة الطباطبائي رحمهالله في تفسير الميزان في ذيل الآيات ٣٦ ـ ٤٩ من سورة هود تحت عنوان (كيف وُجِدَ الشرك) : «اتّضح من الفصل المتقدّم أنّ الإنسان في مزلّةٍ من تجسيم الامور المعنوية وسبك غير المحسوس في قالب المحسوس بالتمثيل والتصوير وهو مع ذلك مفطور للخضوع أمام أي قوّة فائقة قاهرة والإعتناء بشأنها ،